فى أمره، والسابع: الراعي الذي تبعهم حين هربوا من دقيانوس، واسمه: كفشططيوش «١» . وذكر ابن عطية عن الطبري غير هؤلاء، وكلهم عجميون، قال: والسندُ في معرفتهم واهْ. والله تعالى أعلم.
الإشارة: عادة الحق تعالى في أوليائه أن يُخْفِيهم أولاً عن أعين الناس، رحمةً بهم إذ لو أظهرهم في البدايات لفتنوهم وردوهم إلى ما كانوا عليه، حتى إذا تخلصوا من البقايا، وتمكنوا من معرفة الحق وشهوده، أعثر عليهم من أراد سعادته ووصوله إلى حضرته ليعلموا أن وعد الله بإبقاء العدد الذين يحفظ الله بهم نظام العالم في كل زمان حق، وأنّ خراب العالم بانقراضهم، وقيام الساعة لا ريب فيه. وفي الآية تنبيه على ذم الخوض بما لا علم للعبد به، ومدح من رد العلم إلى الله في كل شيء. والله تعالى أعلم.
ثم نهى نبيه عن المجادلة بعد وضوح الحق، فقال:
فَلا تُمارِ فِيهِمْ ...
قلت:(إِلَّا أَنْ يَشاءَ) : استثناء مفرغ من النهي، أي: لا تقولن في حال من الأحوال، إلا حال ملابسةٍ بمشيئته تعالى على الوجه المعتاد، وهو أن تقول: إن شاء الله، أو: في وقت من الأوقات، إلا وقت إن شاء الله.
يقول الحق جلّ جلاله: فَلا تُمارِ أي: لا تجادل فِيهِمْ في شأن أهل الكهف إِلَّا مِراءً ظاهِراً قدر ما تعرض له الوحي من وصفهم، من غير زيادة عليه، مع تفويض العلم إلى الله، فلا تُصرح بجهلهم، ولا تفضح خطأهم، فإنه يُخل بمكارم الأخلاق، وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ: في شأنهم مِنْهُمْ من الخائضين أَحَداً فإن فيما أوحي إليك لمندوحة عن ذلك، مع أنهم لا علم لهم بذلك.
(١) فى النطق بهذه الأسماء اختلاف كثير، وقال الحافظ ابن كثير: فى تسميتهم بهذه الأسماء، واسم كلبهم، نظر فى صحته، والله أعلم، فإن غالب ذلك متلقى عن أهل الكتاب. وقد قال الله تعالى: فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً أي: سهلا هينا، فإن الأمر فى معرفة ذلك لا يترتب عليه كبير فائدة. انظر تفسير ابن كثير ٣/ ٧٨.