الإشارة: حكايات الصالحين وسِيَر العارفين جند من جنود القلب، فيها تنشيط لمن يريد اللحوق بهم، وتشويق لمقاماتهم، وتسلية لمن يُصاب في ذات الله بمثل ما أصابهم. وبالله التوفيق.
ثم ذكر وعيد من أعرض عن القرآن المشتمل على هذه الأنباء الحسان، فقال:
وَقَدْ آتَيْناكَ ...
قلت:(مَنْ أَعْرَضَ) : شرطية أو موصولة، وعلى كلٍّ فهي صفة لذِكْرًا، و (خالِدِينَ) : حال من فاعل (يَحْمِلُ) ، أو الجمع، باعتبار معنى «مَن» ، و (حِمْلًا) : تمييز، تفسير لضمير (ساءَ) ، والمخصوص محذوف، أي: ساء حملاً وزرهم، و (يَوْمَ يُنْفَخُ) : بدل من (يَوْمَ الْقِيامَةِ) ، أو منصوب باذكر. و (يَتَخافَتُونَ) : استئناف مُبين لحالهم يومئذ، أو حال أخرى من (الْمُجْرِمِينَ) . و (قاعًا) : حال من ضمير (فَيَذَرُها) ، أو مفعول ثان ليذر. و (صَفْصَفاً) : حال ثانية، أو بدل من المفعول الثاني، وجملة:(لا تَرى) : استئناف مبين لما سبق من القاع الصفصف، أو حال أخرى، و (يَوْمَئِذٍ) : ظرف ليتبعون، أو بدل من (يَوْمَ الْقِيامَةِ) .
يقول الحق جلّ جلاله: وَقَدْ آتَيْناكَ يا محمد مِنْ لَدُنَّا خصوص عنديتنا ذِكْراً عظيمًا وقرآنا كريمًا، جامعًا لكل كمال، مُخبرًا بعجائب القصص والأمثال. مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ أي: عن ذلك الذِكْر العظيم الشأن، المستتبع لسعادة الدارين، بأن لم يؤمن به، فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً أي: عقوبة ثقيلة فادحة على كفره وسائر ذنونه. وتسميتها وزرًا لتشبيهها في ثقلها على المعاقَب، وصعوبة احتمالها، بالحمل الذي يُثقل الحامل ويُنقِضُ ظهره، وقيل: يُجسّم، ويُجعل على ظهره في طريق الحشر، والأول أنسب لقوله: