من الأعمال الظاهرة والباطنة، التي من جملتها ما تظهرونه من الأكاذيب المؤكدة بالأيمان الفاجرة، وما تضمرونه في قلوبكم من الكفر والنفاق، والعزيمة على مخادعة المؤمنين، وغيرها من فنون الفساد.
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، أُمِر- عليه الصلاة والسلام- بتبليغ ما خاطبهم الله به، وصرف الكلام عن الغيبة إلى الخطاب، وهو أبلغ في تبكيتهم، فَإِنْ تَوَلَّوْا- بحذف إحدى التاءين بدليل قوله:
وَعَلَيْكُمْ أي: فإن تُعرضوا عن الطاعة إثر ما أمرتكم بها فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ من التبليغ وقد بلَّغَ، وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ من التلقي بالقبول والإذعان. والمعنى: فإن تعرضوا عن الإيمان فما ضررتم إلا أنفسكم، فإن الرسول ليس عليه إلا ما حمله الله تعالى من أداء الرسالة، فإذا أدى فقد خرج عن عهدة تكليفه. وأما أنتم فعليكم ما كلفتم، أي: ما أمرتم به من الطاعة والإذعان، فإن لم تفعلوا وتوليتم فقد عرَّضتم نفوسكم لسخط الله وعقوبته. قال القشيري: قل يا محمد: أطيعوا الله، فإن أجابوا، سعدوا في الدارين، وإنما أحسنوا لأنفسهم. وإن تولوا فما أضروا إلا بأنفسهم، ويكون اللوم في المستقبل عليهم، وسوف يلقون سوء عواقبهم. هـ.
وَإِنْ تُطِيعُوهُ فيما أمركم به من الهدى تَهْتَدُوا إلى الحق، الذي هو المقصد الأصلي الموصل إلى كل خير، والمنجي من كل شر، وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ الموضح لكل ما يحتاج إلى الإيضاح، أو:
البيِّن الوضوح لكونه مقروناً بالآيات والمعجزات المتواترة. والجملة مقررة لِما قبلها من أن غائلة التولي وفائدة الإطاعة مقصورتان عليهم. واللام: إما للجنس المنتظم فيه- عليه الصلاة والسلام- انتظاماً أولياً، أو للعهد، أي:
ما على جنس الرسول كائناً من كان، أو ما عليه- عليه الصلاة والسلام- إلا التبليغ الواضح. وبالله التوفيق.
الإشارة: ترى بعض الناس يُقسمون بالله جَهدَ أَيْمَانهم: لئن ظهر شيخ التربية وأمرهم بالخروج عن أموالهم وأنفسهم ليخرجن، فلما ظهر تولوا وأعرضوا، فيقال لهم: فإن تولوا فإنما عليه ما حمل من الدلالة على الله، والتعريف به، وعليكم ما حُملتم من الدخول تحت تربيته، وإن تُطيعوه تهتدوا إلى معرفة الله بالعيان، وما على الرسول إلا البلاغ المبين.