«كان» : تامة، و «آية» : فاعل، و «أن يعلمه» : بدل منه.
يقول الحق جلّ جلاله: وَإِنَّهُ أي: القرآن المشتمل على القصص المتقدمة، وكأنه تعالى عاد إلى ما افتتح به السورة من إعراض المشركين عما يأتيهم من الذكر، ليتناسب المفتتح والمختتم، أي: وإن القرآن الكريم لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ أي: منزل من جهته. ووصفه تعالى بربوبية العالمين للإيذان بأن تنزيله من أحكام ربوبيته للعالمين ورأفته للكل.
نَزَلَ بِهِ أي: أنزله الرُّوحُ الْأَمِينُ أي: جبريل عليه السلام، لأنه أمين على الوحي الذي فيه روح القلوب، ومن قرأ بالتشديد: فالفاعل هو الله، والروح: مفعول به، أي: جعل الله تعالى الروح الأمين نازلاً به. والباء للتعدية، نزل به عَلى قَلْبِكَ، أي: حفظك وفهمك إياه، وأثبته في قلبك إثبات ما لا يُنْسَى، كقوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى «١» .
لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بما فيه من العقوبات الهائلة والمواعظ الزاجرة، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ بلغة قريش وجُرْهُم، فصيح بليغ، والباء: إما متعلق بمنذرين، أي: لتكون من الذين أَنْذَرُوا بهذا اللسان وهم هود وصالح وشعيب وإسماعيل- عليهم السلام- أو: بنزل، أي: نزله بلسان عربي لتُنذر به، لأنه لو نزل بلسان أعجمي لتجافوا عنه، ولقالوا: ما نصنع بما لا نفهمه؟ فيتعذر الإنذار به. وهذا أحسن لعمومه أي: لتكون من جملة من أنذر قبلك، كنوح وإبراهيم وموسى، وغيرهم من الرسل، عربيين أو عجمين، وأشد الزواجر تأثيراً في قلوب المشركين: ما أنذره إبراهيم لانتمائهم إليه، وادعائهم أنهم على ملته.
وَإِنَّهُ أي: القرآن لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ يعني: أنه مذكور في سائر الكتب السماوية. وقيل: ثبت فيها معناه، فإن أحكامه التي لا تحتمل النسخ والتبديل، بحسب تبدل الأعصار، من التوحيد وسائر ما يتعلق بالذات