للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخيط الجانبين، فتظهر صورتها فيه. والجاهلية الأخرى: ما بين عيسى ومحمد- عليهما السلام- أو: الجاهلية الأولى: جاهلية الكفر قبل الإسلام، والجاهلية الأخرى: جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام.

وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ، خصهما بالذكر تفضيلاً لهما لأن مَن واظب عليهما جرتاه إلى غيرهما.

وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في سائر ما أمرَكن به، ونهاكن عنه.

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ أي: يا أهل البيت، أو: أخص أهل البيت. وفيه دليل على أنَّ نساءه من أهل بيته. قال البيضاوي: وتخصيص أهل البيت بفاطمة وعلي وابنيهما، لِما رُوي أنه- عليه الصلاة والسلام- خرج ذات غدوة عليه مِرْطٌ مُرَحَّل «١» من شعر أسود، فجاءت فاطمة، فأدخلها، ثم جاء عليّ، فأدخله فيه، ثم جاء الحسن والحسين، فأدخلهما فيه، فقال: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ... » «٢»

والاحتجاج بذلك على عصمتهم، وكون اجتماعهم حجة، ضعيف لأن التخصيص بهم لا يناسب ما قبل الآية وما بعدها، والحديث يقتضي أنهم من أهل البيت، لا أنه ليس غيرهم. هـ. وإنما قال: عَنْكُمُ لأنه أُريد الرجال والنساء. والرجس: كل ما يدنس، من ذنب، أو عيب، أو غير ذلك، وقيل: الشيطان.

وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً من نجاسات الآثام والعيوب، وهو كالتعليل لِمَا قبله، فإنما أَمَرَهن، ونهاهن، ووعظهن لئلا يقارف أهل البيت ما يدنس، من المآثم، وليتصوّنوا عنها بالتقوى. واستعار للذنب الرجس، وللتقوى الطُهر لأن عِرض المقترف للمستقبحات يتلوث بها كما يتلوث بدنه بالأرجاس وأما مَن تحصّن منها فعرضه مصون، نقي كالثوب الطاهر. وفيه تنفير لأُولي الألباب عن كل ما يدنس القلوب من الأكدار، وترغيب لهم في كل ما يطهر القلوب والأسرار، من الطاعات والأذكار.

وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ القرآن وَالْحِكْمَةِ السنة، أو: بيان معاني القرآن، أو:

ما يُتلى عليكن من الكتاب الجامع بين الأمرين. إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً عالماً بغوامض الأشياء. خَبِيراً عالماً بحقائقها، أو: هو عالم بأقوالكن وأفعالكن، فاحذرن مخالفة أمره ونهيه، ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم.

الإِشارة: علَّق الحق تعالى شرف نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتفضيلهن على سبعة أمور، ويقاس عليهن غيرهن من سائر النساء، فمَن فعل هذه الأمور حاز شرف الدنيا والآخرة. الأول: تقوى الله في السر والعلانية، وهى أساس


(١) المرط: الكساء، جمعه: «مرط» . انظر: النهاية (مرط ٤/ ٣١٩) . والمرحّل: الذي نقش فيه تصاوير رحال الإبل. انظر: النهاية (رحل ٢/ ٢١٠) .
(٢) أخرجه مسلم فى (فضائل الصحابة، باب فضل أهل البيت ٤/ ١٨٨٣، ح ٢٤٢٤) من حديث السيدة عائشة- رضى الله عنها-. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>