فلأنه جملة من مبتدأ وخبر، أي: فهو يكون. ومَن نصب فللعطف على «يقول» . والمعنى: أنه ليس ممن يلحقه نصَب ولا مشقة، ولا يتعاظمه أمر، بل إيجاد المعدومات، وإعدام الموجودات، عليه أسرع من لمح البصر هـ.
فَسُبْحانَ تنزيهاً له مما وصفه به المشركون، وتعجيب مما قالوا، الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ أي: ملك كُلِّ شَيْءٍ والتصرُّف فيه على الإطلاق. وزيادة الواو والتاء للمبالغة، أي: مالك كلّ شيء، وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ بالبعث للجزاء والحساب.
الإشارة: أوَ لَم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة مهينة، فإذا هو خصيم لنا في تدبيرنا واختيارنا، ويُنازعنا في مُرادنا من خلقنا، ومرادنا منهم: ما هم عليه. فاستحي أيها الإنسان أن تُخاصم الله في حكمه، أو تنازعه في تقديره وتدبيره، وسلِّم الأمور لمَن بيده الخلق والأمر. بكى بعضُ الصالحين أربعين سنة على ذنب أذنبه. قيل له: وما هو؟
قال:(قلت لشيء كان: ليته لم يكن) . فارْضَ بما يختاره الحق لك، جلاليًّا كان أو جماليًّا ولا تختر من أمرك شيئاً، والله يعلم وأنتم لا تعلمون. وكل مَن اهتم بأمر نفسه، واشتغل بتدبير شئونها، فقد ضرب لله مثلاً، بأن أشرك نفسه معه، ونَسِي خلقه، ولو فكر في ضعف أصله، وحاله، لاستحيا أن يُدبِّر لنفسه مع ربه، وفي الإشارات عن الله تعالى: أيها العبد لو أَذِنْتُ لك أن تدبر لنفسك لكنت تستحيي مني أن تدبر لها، فكيف وقد نهيتك عن الندية!.
وكما قَدَرَ على إحياء العظام الرميمة، يَقْدر على إحياء القلوب الميتة، ومَن قَدَرَ على استخراج النار من محل الماء، يقدر على استخراج العلم من الجهل، واليقظة من الغفلة، ومَن كان أمره بين الكاف والنون، بل أسرع من لحظ العيون، ينبغي أن يُرجع إليه في جميع الشئون. قال القشيري: فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء، فلا يحدث شيء- قلَّ أو كثر- إلا بإبداعه وإنشائه، ولا يبقى منها شيء إلا بإبقائه، فمنه ظهر ما يحدث، وإليه يصير ما يخلق. هـ.
قال النسفي: قال صلى الله عليه وسلم: «مَن قرأ يس يريد بها وجه الله غفر اللهُ له، وأُعطي من الأجر كمَن قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة» وبالله التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد، وآله وصحبه، وسلم.