للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَّنْ لاَ يَصُوم، وبمَنْ يَحُجُّ، عَمَّنْ لاَ يَحُجُّ، وبَمَّنْ يُجاهِدُ عَمَّنْ لاَ يُجَاهِدُ. وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ هذِهِ الأشْياءِ ما أنْظَرَهُمُ الله طَرْفة عَيْنٍ» .

وفي حديث آخر: «لولا عباد لله رُكَّع، وصبية رُضَّع، لصبَّ عَليكُمُ العَذَابُ صَبًّا» . ورَوى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله ليُصْلِحُ بصلاح الرجل- ولده وولد ولدهِ، وأهل دُوَيْرَتِه، ودويراتٍ حوله، ولا يزالون في حفظ الله مادام فيهم» . هـ. فهذا من فضل الله على عباده يصلح طالحهم بصالحهم، ويُشَفع خيارُهُم في شرارهم، ولولا ذلك لعوجلوا بالهلاك، وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ.

تِلْكَ يا محمد، آياتُ اللَّهِ والإشارة إلى ما قصَّ من حديث الألوف، وتمليك طالوت، وإتيان التابوت، وانهزام الجبابرة أصحاب جالوت، نَتْلُوها أي: نقصها عليكم بِالْحَقِّ أي: بالوجه المطابق الذي لا يَشُك فيه أهل الكتاب وأرباب التواريخ، وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ حيث أخبرتَ بها من غير تعرف ولا استماع ولم يعهد منك تعلم ولا اطلاع، فلا يشك أنه مِنْ عند الخبير العليم، إلا من طَبع اللهُ على قلبه. نعوذ بالله من ذلك.

الإشارة: «من علامة النجح في النهايات الرجوع إلى الله في البدايات» ، فإذا برز المريد لجهاد أعدائه من النفس وَالهوى والشيطان وسائر القُطاع، واستنصر بالله وتبرأ من حوله وقوته، كان ذلك علامة على نصره وظفره بنفسه، وكان سبباً في نجح نهايته، فيملكه بالله الوجود بأسره، ويفتح عليه من خزائن حكمته. قال أبو سليمان الداراني: (إذا اعتادت النفوس على ترك الآثام، جالت في الملكوت ثم عادت إلى صاحبها بطرائف الحكم من غير أن يؤدي إليها عالم علماً) . وفي الخبر: «من عَمِلَ بِمَا عَلِمَ أَوْرَثَهُ اللهُ علمَ مَا لم يعلمْ» . وكان حينئذٍ رحمة للعباد، يدفع الله بوجوده العذاب عمن يستحقه من عباده.

وفي الحديث القدسي: «يقول الله عزّ وجلّ: إذا كان الغالبَ على عبدي الاشتغالُ بي جعلتُ همته ولذَّته في ذكري، ورفعتُ الحجابُ فيما بيني وبينه، لا يسهو إذا سَهَا الناسُ، أولئك كَلاَمُهُم كلام الأنبياءِ، أولئك الأبطالُ حقًا، أولئك الذين إذا أردتُ بأهلِ الأرضِ عقوبةً أو عذابًا ذكرتُهم فصرفتُه بهم عنهم» . حقَّقنا الله بمحبتهم وجعلنا منهم.. آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>