يقول الحق جلّ جلاله: وَاذْكُرْ أَخا عادٍ وهو هود عليه السّلام إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ: بدل اشتمال أي: وقت إنذاره قومه بِالْأَحْقافِ: جمع حِقْف، وهو رمل مستطيل فيه انحناء، من: احقوقف الشيء إذا اعوجَّ، وكان عاد أصحاب عُمُد، يسكنون بين رمال مُشرفة على البحر، بأرض يُقال لها:«الشِّحْر» بأرض اليمن. وعن ابن عباس:
الأحقاف: واد بين عُمان ومَهْرَة، وقال مقاتل: كانت منازل عاد باليمن، في حضرموت، بموضع يقال له: مَهْرة، وإليه تنسب الإبل المهرية، ويقال لها: المهاري، وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع، فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم، وكانوا من قبيلة إِرَم «١» ، والمشهور: أن الأحقاف اسم جبل ذا رمل مستطيل، كانت منازل عاد حوله.
وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ: جمع نذير، بمعنى المنذر، أي: مضت الرسل، مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أي: من قبل هود ومَن بعده، وقوله: وَقَدْ خَلَتِ.. الخ: جملة معترضة بين إنذار قومه وبين قوله: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ مؤكدة لوجوب العمل بموجب الإنذار، وإيذاناً باشتراكهم في العبادة المذكورة، والمعنى: واذكر لقومك إنذار هود قومَه عاقبةَ الشرك والعذاب العظيم، وقد أنذر مَن تقدمه مِن الرسل، ومَن تأخر عنه قومهم قبل ذلك. إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ إن عصيتموني عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ يوم القيامة.
قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا لتصرفنا عَنْ آلِهَتِنا، عن عبادتها، فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب العظيم إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ في وعدك بنزوله بنا، قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ بوقت نزوله، أو بجميع الأشياء التي من جملتها ذلك، عِنْدَ اللَّهِ وحده، لا علم لي بوقت نزوله، ولا دخل لي فى إتيانه وحلوله، وإنما عِلْم ذلك عند الله، فيأتيكم به في وقته المقدّر له. وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ من التخويف والإنذار من غير وقف على تعيين وقت نزول العذاب، وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ حيث تقترحون عليَّ ما ليس من وظائف الرسل، من الإتيان بالعذاب وتعيين وقته.