للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليونس عليه السلام. هـ. يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ منه عليه السلام فَلَمَّا حَضَرُوهُ أي: الرسول صلّى الله عليه وسلم، أو القرآن، أي: كانوا منه حيث يسمعونه، قالُوا أي: قال بعضهم لبعض: أَنْصِتُوا اسكتوا مستمعين، فَلَمَّا قُضِيَ، تمّ وفرغ من تلاوته، وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، مقدّرين إنذارهم عند رجوعهم إليهم.

رُوي: أن الجنَّ كانت تسترق السمع، فلما حُرست السماء، ورُموا بالشُهب، قالوا: ما هذا إلا لأمر حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، لتعرفوا ما هذا، فنهض سبعة أو تسعة من أشراف جن نصيبين أو نينوى، منهم: «زوبعة» فمضوا نحو تهامة، ثم انتهوا إلى وادي نخلة، فوافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي صلاة الفجر، فاستمعوا القرآن، وذلك عند منصرفه من الطائف، حين ذهب يدعوهم إلى الله، فكذّبوه، وردُّوا عليه، وأغروا به سفاءهم، فمضى على وجهه، حتى وصل إلى نخلة، فصلّى بها الغداة، فوافاه نفر الجن يصلي، فاستمعوا لقراءته، ولم يشعُر بهم، فأخبره الله تعالى باستماعهم «١» .

وقيل: أمره اللهُ- تعالى- أن يُنذر الجن، ويقرأ عليهم، فصرف الله إليه نفراً منهم، وجمعهم له، فقال صلّى الله عليه وسلم:

إني أُمرت أن أقرأ على الجن، فمَن يتبعني؟ قالها ثلاثاً، فأطرقوا إلا عبد الله مسعود، قال: فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة، فى شعب الحجون، فخطّ خطّاً، فقال: لا تخرج عنه حتى أعود إليك، ثم افتتح القرآن، وسمعت لغطاً شديداً، حتى خفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أرى أمثال النسور تهوي وتمشي، وغشيته أسوِدة كثيرة حالت بيني وبينه، حتى ما أسمع صوته، ثم تتقطع كقطع؟؟؟، ففرغ صلّى الله عليه وسلم مع الفجر، فقال: أنمتَ؟ فقلت: لا والله، ولقد هممت مراراً أن أستغيث بالناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك، تقول: اجلسوا، فقال: لو خرجت لم آمن عليك أن يتخطفك بعضهم، ثم قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «هل رأيت شيئاً؟» قلت: نعم، رجالاً سوداً، في ثياب بيض، قال: «أولئك جن نصيبن» «٢» وكانوا اثني عشر ألفاً، والسورة التي قرأ عليهم: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ.

فلمَّا رجعوا إلى قومهم قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى، قيل: قالوا ذلك لأنهم كانوا على اليهودية، وعن ابن عباس: إن الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام وهو بعيد. حال كون الكتاب مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ من العقائد الصحيحة، أو إلى الله، وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يُوصل إلى الله، وهو الشرائع والأعمال الصالحة.


(١) أخرجه بمعناه البخاري فى (الأذان، باب الجهر بقراءة صلاة الفجر ح ٧٧٣) وكذا أخرجه فى (التفسير، سورة الجن) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه.
(٢) انظر تفسير البغوي ٧/ ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>