انتظرونا؛ لأنه يُسرَع بهم إلى الجنة كالبرق الخاطف، ويبقى المنافقون في ظلمة، فيقولون للمؤمنين: قفوا في سيركم لنستضيء بنوركم. وقرأ حمزة:" أَنظِرونا "، من الإنظار، وهو التأخير، أي: أَمهِلوا علينا. وقال الفراء: تقول العرب: أنظرني، أي: انتظرني، فتتفق القراءتان. وقيل: من النظر، أي: التفتوا إلينا وأَبْصِرونا {نَقتبس مِن نوركم} لأنَّ نورهم بين أيديهم، فيُقال طرداً لهم وتهكُّماً بهم من جهة المؤمنين أو الملائكة:{ارجعوا وراءكم} أي: إلى الموقف، إلى حيث أُعطينا هذا النور {فالتمِسوا نوراً} فإنّا هناك اقتبسناه، أو: التفتوا وراءكم، فيلتفتون فيُحال بينهم، {فضُرِبَ} حينئذ {بينهم} بين الفريقين {بسُورٍ} بحائطٍ حائل بين شق الجنة وشق النار، {له باب} يلي المنافقين، ليروا ما فيه من المؤمنون من الأنوار والرحمة، فيزدادون حسرة، {باطِنُه} أي: باطن ذلك السور، وهو الجهة التي تلي المؤمنين {فيه الرحمةُ وظاهرهُ} الذي يلي المنافقين {مِن قِبَلِه العذابُ} أي: العذاب حاصل من قِبَلِه. فالعذاب: مبتدأ، و {مِن قِبَلِه} : خبر، أي: ظاهر السور تليه جهنم أو الظلمة، فيقابله العذاب، فهم بين النار والسور.
{يُنادونهم} أي: ينادي المنافقون المؤمنين: {ألم نكن معكم} في الدنيا؟ يريدون موافقتهم لهم في الظاهر، {قالوا} أي: المؤمنون: {بلى} كنتم معنا في الظاهر {ولكنكم فتنتم أنفسَكم} أي: محنتموها وأهلكتموها بالنفاق والكفر، {وتربصتم} بالمؤمنين الدوائر، {وارتبتم} في أمر الدين {وغرتكم الأمانيُّ} الفارغة، التي من جملتها أطماعكم في انتكاس الإسلام، أو: طول الأمل وامتداد الأعمار {حتى جاء أمرُ الله} ؛ الموت، {وغرَّكم بالله} الكريم {الغَرُورُ} أي: الشيطان بأنَّ الله غفور كريم لا يعذبكم، أو: بأنه لا بعث ولا حساب.
{
فاليومَ لا يُؤخذ منكم فديةٌ} فداء {ولا من الذين كفروا} جهراً، {مأواكم النارُ} أي: مرجعكم، لا تبرحون عنها أبداً {هي مولاكم} أي: المتصرفة فيكم تصرُّف المولى في ملكه، أو: هي أولى بكم، وحقيقة مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم، أو: ناصركم، على طريق:
تحيةٌ بَينِهِم ضَرْبٌ وجِيعُ
فيكون تهكُّماً بهم، {وبئس المصيرُ} أي: النار.
الإشارة: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات، الكاملين في الإيمان، الطالبين الوصول،