ذلك ليبلوكم أيك أحسنُ عملاً بالإقبال على الله، والتوجٌّه بكليته إليه، أو بالإدبار عنه، والإعراض عن الداعي إليه. وقيل: أحسن العمل: نيسان العمل ورؤية الفضل. هـ. والمراد: أنه يجتهد في العمل، ويغيب عنه، ومَن جعل الموتَ نُصب عينيه لا محالة يجتهد، ولله در القائل:
وَفِي ذِكْرِ هولِ الموتِ والقَبْر والبلاَ
عَن الشغْل باللذَّاتِ للمرء زَاجِر
أَبَعْدَ اقْتِرابِ الأَربَعينَ تَربُّص
وشَيْب فَذاك مُنْذِرٌ لك ذَاعِر
فَكَمْ في بُطون الأرضِ بعد ظُهورها
مَحَاسِنهم فيها بوَالٍ دَوَاثِر
وأنت على الدنيا مُكب مُنَافِس
لِحُطَامِها فيها حَريص مُكاثر
علَى خطرٍ تُمسي وتُصبح لاَهِياً
أَتدْرِي بماذا لَوْ عقلت تُخاطِر
وَإِنْ أحد يَسعى لدُنياه جَاهداً
ويَذْهلُ عن أخراه لآ شَكَّ خاسِر
فَجدّ ولا تَغفَل، فَعَيشك زائِل
وأَنْتِ إِلى دارِ الْمَنِيَّةِ صَائِر
وهو العزيز يُعز مَن أقبل عليه، والغفور لمَن رجع بعد الإعراض إليه. الذي خلق سبعَ سموات الأرواح، وتقدّم قريباً تفسيرها، وعالم الأوراح في غاية الإتقان، ليس فيه خلل ولا تفاوت، ولقد زيَّنا السمآء الدنيا. قال القشيري: أراد بسماء الدنيا سماء القلب، لدنوه من سماء الروح، أي: زيّنا ونوّرنا سماء القلب بمصابيح العلم وأنوار الواردات القلبية، وسبحات الإلهامات الربانية، وجعلناها رجوماً للشياطين؛ الخواطر النفاسية، والهواجس الظلمانية الشيطانية، وأعتدنا لتلك الخواطر عذابَ السعير، فيحترق بالخواطر الملكية والرحمانية. هـ.
يقول الحق جلّ جلاله: {وللذين كفروا بربهم} أي: ولكل مَن كفر بالله مِن الشياطين وغيرهم {عَذابُ جهنم} يُعذّبون بها جميعاً، {وبئس المصيرُ} ، المرجع جهنم. {إِذا أُلقوا فيها} ؛ طُرحوا في جهنم، كما يُطرح الحطب في النار، {سَمِعُوا لها} ؛ لجهنم {شهيقاً} ؛ صوتاً منكراً، كصوت الحمير. شبّه حسيسها المنكر الفظيع بالشهيق. {وهي تفور} ؛ تغلي بهم كغليان المِرُجَل بما فيه.