للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنكاراً واستهزاءً، وهو " تفتعلون " من الدعاء، وقيل: من الدعوى، أي: تدعون ألاَّ بعث ولا حشر. ورُوي عن مجاهد: أنَّ الموعود يوم بدر، وهو بعيد.

{قل أرأيتم} أي: أخبروني {إِن أهلكنيَ اللهُ} أي: أماتني. والتعبير عنه بالهلاك لِما كانوا يدعون عليه صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين بالهلاك، {ومَن معيَ} مِن الْمُؤْمِنِين {أو رَحِمَنا} باخير آجالنا، فنحن في جوار رحمته متربصون إحدى الحسنيين {فمَن يُجير الكافرين من عذاب أليم} أي: لا يُنجيكم منه أحد، متنا أو بَقينا. ووضع " الكافرين " موضع ضميرهم؛ للتسجيل عليهم بالكفر، وتعليل نفي الإنجاء به، أي: لا بد من لحوق العذاب لكفركم، مُتنا أو بقينا، فلا فائدة في دعائكم علينا.

{

قل هو} أي: الذي أدعوكم إليه {الرحمن} مولى النعم كلها، {آمَنَّا به} وحده؛ لعِلْمنا ألاَّ راحم سواه، {وعليه توكلنا} وحده؛ لعِلْمنا أنَّ ما عداه كائناً ما كان بمعزل عن النفع والضر. {فستعلمون} عن قريب {مَن هو في ضلالٍ مبينٍ} منا ومنكم، {قل أرأيتم} ؛ أخبروني {إِن أصبحَ ماؤُكم غوراً} ؛ غائراً في الأرض بالكلية، أو: لا تناله الدلاء {فمَن يَأْتِيكُمْ بماءٍ مَّعِينٍ} ؛ جارٍ أو ظاهر سهل المأخذ، يصل إليه مَن وصله؟ . وفي القاموس: ماء معيون ومعين: ظاهر. هـ. وقال مكي: ويجوز أن يكون معين " فعيل " من مَعَن الماء: كثر، ويجوز أن يكون مفعولاً من العَين، وأصله: معيون، ثم أعل، أي: فمَن يأتيكم بماء يُرى بالعين. هـ. مختصراً.

وقرئت الآية عند مُلحدٍ، فقال: يأتي بالمعول والفؤوس، فذهبت عيناه تلك الليلة وَعمِيَ، وقيل: إنه محمد بن زكريا المتطبب، أعاذنا الله من سوء الأدب مع كتابه. قال ابن عرفة: ذكر ابن عطية في فضل السورة أربعة أحاديث، وقد تقرّر أنَّ أحاديث الفضائل لم تصح إلاَّ أحاديث قليلة، ليس هذا منها. هـ. وفي الموطأ: إنها تُجادل عن صاحبها.

الإشارة: ويقولون ـ أي: أهل الإنكار على المريدين ـ: متى هذا الوعد بالفتح إن كنتم صادقين في الوعد بالفتح على أهل التوجه؟ قل أيها العارف الداعي إلى الله: إنما العلمُ عند الله، وإنما أنا نذير مبين، أُنذر البقاء في غم الحجاب وسوء الحساب، فلما رأوه ـ أي رأوا أثر الفتح على المتوجهين، بظهور سيما العارفين على وجوههم، ونبع الحِكَم من قلوبهم على ألسنتهم ـ زلفةً، أي: قريباً، سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ بطريق الخصوص، وأنكروها ـ أي ساءهم ذلك حسداً أو ندماً، وقيل هذا الذي كنتم به تَدَّعون، أي: تدَّعون أنه لا يكون، وأنه قد انقضى زمانه، وأهل الإنكار لا محالة يتمنون هلاكَ أهل النِسبة، فيُقال لهم: أرأيتم إن أهلكنا الله بالموت، أو رَحِمَنا بالحياة، فمَن يُجيركم أنتم من

<<  <  ج: ص:  >  >>