للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رُوي في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كان لبعض الملوك ساحر، فلمّا كبر، قال للملك: قد كبرتُ فابعث إليّ غلاماً أعلّمه السحر، فضمّ إليه غلاماً ليعلّمه، وكان في طريق الغلام راهبٌ، فسمع منه وأعجبه، وكان يحتبس عنده، فيضربه الساحرُ، فقال له الراهبُ: إذاخشيت الساحرَ، فقل له: حبسني أهلي، وإذا خشيتَ أهلك، فقل: حبسني الساحرُ، فرأى في طريقه ذات يوم دابة قد حبست الناس، وقيل: كانت أسداً، وقيل: ثُعباناً، فأخذ حجراً، وقال: اللهم إن كان الراهب أحبّ إليك من الساحر فاقتلها، فقتلها، وكان الغلام تعلَّم من الساحر اسم الله الأعظم، فكان الغلام يُبرىء الأكمه والأبرص، ويشفي من الأدواء، فعمي جليس الملكُ فأبراه، وأبصره الملكُ، فقال: مَن ردَّ عليك بصرك؟ فقال: ربي، فغضب، فعذّبه، فدلّ على الغلام، فعذّبه، فدلّ على الراهب، فلم يرجع عن دينه، فقدّ بالمنشار، وأبى الغلامُ، فذهب به إلى جبل ليطرح من ذروته فدعا، فرجف بالقوم، فطاحوا، ونجا، فذهب به إلى قُرْقُورة ـ وهي السفينة ـ فلجَجوا به ليغرقوه، فدعا، فانكفأتْ بهم السفينةُ، فغرقوا، ونجا، فقال للملك: لستَ بقاتلي حتى تجمع الناسَ في صعيد، وتصلبني على جذع، وتأخذ سهماً من كنانتي، وتقول: بسم الله ربّ الغلام، ثم ترميني به، فرماه فوقع في صدغه، فوضع يده عليه ومات. فقال الناس: آمنا بربّ الغلام، فقيل للملك: نزل بك ما كنت تحذر، فخدّ أخدوداً، فملأها ناراً، فمَن لم يرجع عن دينه طرحه فيها، حتى جاءت امرأة معها صبيٌّ، فتقاعست، فقال الصبيّ: يا أماه! اصبري، فإنك على الحق، فاقتحمت بصبيها. وقيل لها: قعي ولا تنافقي، ما هي إلاّ غميضة " والحديث في صحيح مسلم.

واسم الغلام: عبد الله بن الثامر، واسم الراهب: فيميون، واسم الملك: ذو نواس. وقد ذكر القصة الكلاعي بتمامها. وقيل: تعددت قضية الأخدود، فكانت واحدة بنجران باليمن، والأخرى بالشام، والأخرى بفارس، فنزل القرآن في الذي بنجران. انظر التثعلبي. قال سعيد بن المسيب: كنا عند عمر، إذ ورد عليه أنهم وجدوا ذلك الغلام حين حفروا خربة، وأُصْبعه على صُدْغِه كما قتل، فكلما مدت يده رجعت مكانها، فكتب عمر: أن واروه حيث وجدتموه. هـ.

وقوله تعالى: {النارِ} ؛ بدل اشتمال من " الأخدود " فحذف الضمير، اي: فيه، وقيل: قاعدة الضمير أغلبية، و {ذات الوقود} وصَفٌ لها بغاية العظم، وارتفاع اللهب، وكثرة ما يوجبه من الحطب وأبدان الناس، {إِذ هم عليها قعودٌ} ؛ ظرف لقُتل، أي: لُعنوا حين حرّقوا المؤمنين بالنار، قاعدين عليها في مكان مشرف عليها من جنبات الأخدود،

<<  <  ج: ص:  >  >>