حديث آخر:" إنَّ أودَّ الأوِدَّاءِ إليَّ مَن يحبني إلى عبادي، ويحبِّب عبادي إليّ، ويمشي في الأرض بالنصيحة " أو كما قال عليه السلام:
{سَيذَّكَّر مَن يخشى} أي: ينتفع بتذكيري مَن يخشى الله، وسبقت له العناية، ويتجنّبها الأشقى: أي: ويعرض عنها مَن سبق له الشقاء. قال القشيري: الشقي: مَن يعرف شقاوته، والأشقى: مَن لا يعرف شقاوته، الذي يصلى النار الكبرى، وهي الخذلان والطرد والهجران، والنار الصغرى: تتبع الحظوظ والشهوات. هـ. ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا ولا يحيى، أي: لا تموت نفسه عن هذا، ولا تحيا روحه بشهود هؤلاء. قد أفلح مَن تَزَكَّى، أي: فاز بالوصول مَن تطهَّر مِن هوى نفسه، بأن طَهَّر نفسه من المخالفات، وقلبه من الغفلات والدعوات، وروحه من المساكنات إلى الغير، وسره عن الأنانية، بل تُؤثرون الحياة الدنيا عن التوجُّه إلى الحضرة القدسية، والدار الآخرة التي يدوم فيها الشهود خير وأبقى، وهذا الأمر، وهو التزهيد في الدنيا، والتشويق إلى الله، في صُحف الرسل والأنبياء، قال القشيري: لأنَّ التوحيد والوعد والوعيد لا يختلف في الشرائع. هـ. وقال الورتجبي:(إنَّ هذا) أي: الخروج عما سوى الله بنعت التجريد، في صحف إبراهيم، كما قال:{إِنِّي بَرِياءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ}[الأنعام: ٧٨] والإقبال على الله، بقوله:{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ}[الأنعام: ٧٩] الخ. وفي صحف موسى: سرعة الشوق إلى جماله والندم على الوقوف في المقامات: بقوله: {تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}[الأعراف: ١٤٣] . هـ. أي: وبقوله: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىا}[طه: ٨٤] . وبالله التوفيق. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.