بنية وجه الله فله فيها أجر، فإنَّ كُلَّ مباح يمكن أن يصير قُربة إذا قصد به وجه الله، مثل أن يقصد بالأكل القوة على العبادة، ويقصد بالجِمَاع التعفُّف عن الحرام، وشبه ذلك. هـ.
ودرجات الإخلاص ثلاث: الأولى: أن يعبد الله لطلب غرض دنيوي أو أخروي من غير ملاحظة أحد من الخلق، والثانية: أن يعبد الله لطلب الآخرة فقط، والثالثة: أن يعبد الله عبودية ومحبة.
يقول الحق جلّ جلاله:{إِنّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين} المتقدمين في أول السورة، {في نارَ جهنم خالدين فيها أولئك هم شَرُّ البريَّةِ} أي: الخليقة؛ لأنّ الله بَراهم، أي: أوجدهم. قُرىء بالهمزة، وهو الأصل، ويعدمه مع الإدغام، وهو الأكثر.
{إِنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خيرُ البريَّةِ} لا غيرهم، {جزاؤُهم عند ربهم جناتُ عدنٍ} إقامة، {تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها أبداً رضى الله عنهم ورَضُوا عنه} حيث بلغوا من الأماني قاصيها، وملكوا من المآرب ناصيتها، وأتيح لهم ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. {ذلك لِمَنْ خَشِيَ ربَّه} ، فإنَّ الخشية التي هي مِن خصائص العلماء به مناطاة بجميع الكمالات العلمية والعملية، المستتبعة للسعادة الدينية والدنيوية. والتعرُّض لعنوان الربوبية، المعربة عن المالكية والتربية؛ للإشعار بعلو الخشية والتحذير من الاغترار بالتربية. قاله ابو السعود.
وقوله:{خير البرية} يدل على فضل المؤمنين من البشر على الملائكة. وفيه تفصيل تقدّم ذكره في النساء. قال القشيري: قوله تعالى: {خير البرية} يدل على أنهم أفضل من الملائكة. هـ. قال في الحاشية: أي: في الجملة، ثم ذكر حكاية الرجل الذي أحياه الله بعد موته بدعوة عيسى، فقال: إنه كان في الجنة، وأنه مرّ بملأ من الملائكة، وهم يقولون: إنَّ من بني آدم لَمَنْ هو أكرم على الله من الملائكة. ثم ذكر عن نوادر الأصول: أنَّ المؤمن أكرم على الله من الملائكة المقربين، فانظره. وقال بعضهم: الملائكة عقل بلا شهوة، والبهائم شهوة بلا عقل، والآدمي فيه عقل وشهوة، فمَن غلب