للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقوله تعالى: {وَقَدِمْنَآ إِلَىا مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً (٢٣) } [الفرقان: ٢٣] ، وعن ابن عباس: " ما كسب ولده "، رُوي أنه كان يقول: إن كان ما يقول ابن أخي حقًا فأنا أفدي منه نفسي بمالي وولدي، فاستخلص منه، وقد خاب مرجاه، وما حصل ما تمناه، فافترس ولده " عُتبة " أسدٌ في طريق الشام، وكان صلى الله عليه وسلم دعا عليه بقوله: " اللهم سلط عليه كلباً من كلابك " وهلك هو نفسه بالعدسة بعد وقعة بدر بسبع ليال، فاجتنبه الناسُ مخالفةَ العدوى، وكانوا يخافون منها كالطاعونن فبقي ثلاثاً حتى تغيّر، ثم استأجروا بعض السودان، فحملوه، ودفنوه، فكان عاقبته كما قال تعالى:

{

سَيصْلى ناراً} أي: سيدخل لا محالة بعد هذا العذاب الأجل ناراً {ذاتَ لهبٍ} أي: ناراً عظيمة ذات اشتعال وتوقُّد، وهي نار جهنم. قال أبو السعود: وليس هذا نصًّا في أنه لا يؤمن أبداً، فيكون مأموراً بالجمع بين النقيضين، فإنَّ صَلْي النار غير مختص بالكفار، فيجوز أن يُفهم من هذا أنَّ دخوله النار لفسقه ومعاصيه، لا لكفره، فلا اضطرار إلى الجواب المشهور، من أنّ ما كلفه هو الإيمان بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إجمالاً، لا الإيمان بما نطق به القرآن، حتى يلزم أن يكلف الإيمان بعدم إيمانه المستمر. هـ.

{وامرأتُه} : عطف على المستكن في " يَصْلى " لمكان الفعل. وهي أم جميل بنت حرب، أخت أبي سفيان، وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعد، فتنثرها بالليل في طريق النبي، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يطؤه كما يطأ الحرير. وقيل كانت تمشي بالنميمة، ويقال لمَن يمشي بالنميمة ويُفسد بين الناس: يحمل الحطب بينهم، أي: يُوقد بينهم النار، وهذا معنى قوله: {حمّالةَ الحطبِ} بالنصب على الذم والشتم، أو: الحالية، بناء على أنَّ الإضافة غير حقيقية، لوجوب تنكير الحال، وقيل: المراد: أنها تحمل يوم القيامة حزمة من حطب جهنم كالزقوم والضريع. وعن قتادة: أنها مع كثرة مالها كانت تحمل الحطب على ظهرها، لشدة بُخلها، فعيرت بالبخل، فالنصب حينئذ على الذم حتماً. ومَن رفع فخبر عن " امرأته "، أو: خبر عن مضمر متوقف على ما قبله. وقُرىء " ومُرَيَّتُه " فالتصغير للتحقير، {في جِيدِها} في عُنقها {حَبْلٌ من مَسَد} والمسد: الذي فُتل من الحبال فتلاً شديداً، من ليف المُقْل أو من أي ليفٍ كان، وقيل: من لحاء شجر باليمن، وقد يكون من جلود الإبل وأوبارها.

قال الأصمعي: صلّى أربعة من الشعراء خلف إمام اسمه " يحيى " فقرأ: " قل هو الله أحد " فتعتع فيها، فقال أحدهم:

أكثَرَ يَحْيى غلطا

في قل هو الله أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>