للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصف حظ الذَّكر؟، فالجواب، أنه بدأ بالذَّكَرِ لفضله، ولأن القصد ذكُر حظه، ولو قال للأنثيين مثل حظ الذكر لكان فيه تفضيل للإناث. هـ «١» .

الأشارة: كما أوصى الله- تعالى- في أولاد البشرية، أوصى على أولاد الروحانية، ويقع التفضيل في قسمة الإمداد على حسب التعظيم والمحبة والعطف من الشيخ، فبقدر ما يقع في قلب الشيخ، يسري إليه المدد، فقد يأخذ مثل حظ رجلين أو أكثر، على حسب ما سبق في القسمة الأزلية. والله تعالى أعلم.

ثم ذكر حكم البنات إذا انفردن، فقال:

قلت: أنّث الضمير فى (كنّ) باعتبار الخبر، أو يعود على المتروكات، وما قاله الزمخشري بعيد. ومن قرأ (واحدةُ) بالرفع، ففاعِلُ كَانَ التامة، ومن قرأ بالنصب، فخبر كان.

يقول الحق جلّ جلاله: فإن كان المتروك من الأولاد نِساءً ليس معهن ذكور فَوْقَ اثْنَتَيْنِ أي:

اثنتين فما فوق، فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ، والباقي للعاصب، وأخذ ابن عباس بظاهر الآية، فأعطاهما النصف كالواحدة، والجمهور على خلافه، وأن لفظ فَوْقَ زائدة كقوله: فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وقيل: أخذ الثلثين بالسُنة، وإن كانَتْ بنتًا واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ، والباقي للعاصب، وفيه دليل على أنَّ الابن يأخذ جميع المال إذا انفرد لأن له مثل حظ الأنثيين.

الإشارة: انظر البنت، إذا انفردت أخذت النصف، وإذا اجتمعت مع غيرها نقص لها، كذلك أمداد الأشياخ، من انفرد عندهم وحده، أخذ أكثر مما إذا اجتمع مع غيره، لانجماع نظر الشيخ إليه، وكان شيخنا رضي الله عنه يقول له شيخه: ما زال يأتيك الرجال- أي: إخوانك من الفقراء- وكان وحده، فيقول له: الله لا يجعل أحدًا يأتي حتى نشبع.

وكذلك أيضًا، انفراد العبد بالعبادة، في وقت الغفلة، مددها أعظم من كونه مع غيره، كالمجاهد خلف الفارين.

وكذلك قال عليه الصلاة والسلام: «طوُبَى للغُرَبَاءِ» ، والله تعالى أعلم.


(١) راجع تفسير ابن جزى.

<<  <  ج: ص:  >  >>