وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى الذي قّرُب جواره أو نسبه، وَالْجارِ الْجُنُبِ الذي بَعُد مكانه أو نسبه، وحَدَّد بعضُهم الجوار بأربعين دارًا من كل ناحية. وقال ابن عباس: الجار ذي القربى: الجار الذي بينك وبينه قرابة، والجار الجنب: الجار من قوم آخرين. هـ.
قيل يا رسول الله: ما حق الجار على الجار قال: «إن دعاك أجبتَه، وإن أصابته فاقةٌ عُدتَ عليه، وإن استقرضك أقرضته، وإن أصابه خير هنأته، وإن مرض عدته، وإن أصابته مصيبة عزيته، وإن توفي شهدت جنازته، ولا تستعل عليه بالبنيان لتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقُتار قدرك- أي: بخارها- إلا أن تغرف له منها، وإن ابتعت فاكهة فأهد له منها، فإن لم تفعل فأدخلها سرًا، ولا يخرج ولدك منها بشيء فيغيظ ولده» ثم قال: «الجيران ثلاثة: فَجَارٌ له ثلاثة حقوق: حق الجوَارِ، وحق القرابة، وحق الإسلام، وجار له حقان: حق الجِوَار، وحق الإسلام، وجَارٌ له حق واحد: وهو المشرك من أهل الكتاب» .
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ، وهو الرفيق في أمر حسن، كتعلم وتصرف وصناعة وسفر، فإنه صحبك بجنبك، وعن عليّ- كرّم الله وجهه- (أنها الزّوجة) ، فيتأكد في حقها الإحسان زيادة على المعاشرة بالمعروف، قال بعضهم: أول قدم في الولاية كف الأذى وحمل الجفا، ومعيار ذلك حسن معاشرة الأهل والولد، وقال- عليه الصلاة السلام-: «خَيرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنسَائِه، وأنَا خَيْرُكُمْ لِنسَائِي» . وَابْنِ السَّبِيلِ، وهو الضيف أو المسافر لغرابته، وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ، من الإماء والعبيد، وكَانَ آخر كلام النبي- عليه الصلاة والسلام-: «الصلاةَ الصَلاةَ وَمَا مَلَكتْ أيمانُكُمْ» .
إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا أي: متكبراً، يأنف عن أقاربه وجيرانه وأصحابه ولا يلتفت إليهم، فَخُوراً يتفاخر عليهم بماله وجاهه، وما خوله الله من نعمه، فهو جدير أن تسلب منه.
الإشارة: واعبدوا الله، أي: بالقيام بوظائف العبودية، ومشاهدة عظمة الربوبية، وقال بعض الحكماء:
العبودية: ترك الاختيار، وملازمة الذل والافتقار. وقيل: العبودية أربعة أشياء: الوفاء بالعهود، والحفظ للحدود، والرضا بالموجود، والصبر على المفقود، وعنوان ذلك صفاء التوحيد، ولذلك قال: وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً أي:
وقال آخر:(لو كلفت أن أرى غيره، لم أستطع، فإنه لا غير معه حتى أشهده) . فإذا حصلت العبودية في الظاهر، وتحقق التوحيد في الباطن، ظهرت عليه مكارم الأخلاق فيُحسن إلى الأقارب والأجانب، ويجود عليهم