للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: (هدى ورحمة) : حال من مفعول (فصَّلناه) ، (فيشفعوا) : جواب الاستفهام، (أو نُرد) بالنصب: عطف عليه، وبالرفع: استئناف، فعلى الأول: المسئول أحد الأمرين إما الشفاعة أو الرد، وعلى الثاني: المسئول الشفاعة فقط.

يقول الحق جلّ جلاله: وَنادى، يوم القيامة، أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا أي:

صبوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ، وفيه دليل على أنَّ الجنة فوق النار، أو: صبوا علينا مما رزقكم الله من سائر الأشربة، ليلائم قوله أَفِيضُوا، أو: من الطعام على حذف الفعل، أي: أو أعطونا مما رزقكم الله، قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ، أي: منعهما عنهم، الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً كتحريم البحائر والسوائب، والتصدية حول البيت، والطواف به عريانًا، وغير ذلك مما أحدثوه، واللهو: صرف القلب إلى ما لا يحصل به نفع أخروي. واللعب: طلب الفرح بما لا يحسن أن يطلب به لخلوه عن منفعة دينية، وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بأن أنستهم القيامةَ، فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا، والكاف: للتعليل، أي: ننساهم لأجل نسيانهم لقاء يومهم هذا، فلم يخطروه ببالهم، ولم يستعدوا له، وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ أي: نُهملهم لأجل إهمالهم الاستعداد للقاء، وإهمالهم آياتنا حتى جحدوا أنها من عند الله.

وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ أي: بيَّنا معانيه من العقائد والأحكام والمواعظ، مفصلةً عَلى عِلْمٍ، أي: عالِمين بوجه تفصيله حتى جاء في غاية الإتقان، هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فإنهم المنتفعون بهدايته ورحمته دون غيرهم.

هَلْ يَنْظُرُونَ أي: ما ينتظر الكفار به إِلَّا تَأْوِيلَهُ، أي: ما يئول إليه أمره من تبين صدقه، بظهور ما نطق به من الوعد والوعيد، بقيام الساعة وما بعدها، يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ بظهور ما نطق به، يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ، ولم يؤمنوا به: قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ أي: قد تبين أنهم جاءوا بالحق، وحصل لهم اليقين حيث لم ينفع، ثم طلبوا من يشفع فيهم فقالوا: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا اليوم، أَوْ نُرَدُّ أي:

وهل نرد إلى الدنيا فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ فنستبدل الكفر بالإيمان، والعصيان بالطاعة والإذعان، أو:

فيشفعوا لنا في أحد الأمرين: إما السلامة من العذاب، أو الرد إلى الدنيا فنستبدل الكفر بالإيمان. قال تعالى:

قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ أي: بخسوها بسوء أعمالهم وكفرهم، وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أي: غاب عنهم افتراؤهم فلم ينفعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>