ودعوتني وعلمت أنّك صادق ... ولقد صدقت وكنت ثمّ أمينا
فاقتصر على أمره له بقول: لا إله إلا اللَّه، فإذا أقر بالتوحيد لم يتوقف عن الشهادة بالرسالة له.
الرابع: من عجيب الاتفاق أن الذين أدركهم الإسلام من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وهم:
أبو طالب واسمه عبد مناف، وأبو لهب واسمه عبد العزّى بخلاف من أسلم وهما حمزة والعباس رضي اللَّه عنهما.
الخامس: زعم بعض غلاة الرافضة أن أبا طالب أسلم، واستدل بأخبار واهية ردّها الحافظ في الإصابة في القسم الرابع من الكنى.
السادس: قوله: «لعله تنفعه شفاعتي» . ظهر من حديث العباس وقوع هذا الترجّي واستشكل قوله: «تنفعه شفاعتي» بقوله تعالى: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر ٤٨] وأجيب بأنه خصّ ولذلك عدّوه في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: معنى المنفعة في الآية يخالف معنى المنفعة في الحديث، والمراد بها في الآية الإخراج من النار، وفي الحديث المنفعة بالتخفيف وبهذا الجواب جزم القرطبيّ.
وقال البيهقي في البعث: صحت الرواية في شأن أبي طالب فلا معنى للإنكار من حيث صحة الرواية.
ووجهه عندي أن الشفاعة في الكفار إنما امتنعت لوجود الخبر الصادق في أنه لا يشفع فيهم أحد، وهو عامّ في حق كل كافر، فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه.
قال: وحمله بعض أهل النظر على أن جزاء الكافر من العذاب يقع على كفره وعلى معاصيه، فيجوز أن يضع اللَّه تعالى عن بعض الكفار بعض جزاء معاصيهم تطييبا لقلب الشافع لا ثوابا للكفر، لأن إحسانه صار بموته على الكفر هباء.
وقال القرطبي في المفهم: اختلف في هذه الشفاعة هل هي بلسان قوليّ أو بلسان حاليّ، والأول يشكل بالآية، وجوابه جواز التخصيص. والثاني أن يكون معناه أن أبا طالب لما بالغ في إكرام النبي صلى الله عليه وسلّم والذبّ عنه جوزي على ذلك بالتخفيف فأطلق على ذلك شفاعة لكونها بسببه.
ويجاب عنه أيضاً: أن المخفّف عنه لم يجد أمر التخفيف، فكأنه لم ينتفع بذلك.
ويؤيد ذلك ما تقدم من أنه يعتقد أنه ليس في النار أشدّ عذابا منه، وذلك أن القليل من عذاب جهنم لا تطيقه الجبال، فالمعذّب لاشتغاله بما هو فيه يصدق عليه أنه لم يحصل له انتفاع بالتخفيف.
السابع: في بيان غريب ما سبق: