قال الضحاك: إن المشركين أرسلوا عامر بن الطفيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: شققت عصانا وسببت آلهتنا، وخالفت دين آبائك، فإن كنت فقيرا أغنيناك، وإن كنت مجنونا داويناك، وإن هويت امرأة زوجناكها، فقال عليه الصلاة والسلام: «لست بفقير، ولا مجنون، ولا هويت امرأة، أنا رسول الله أدعوكم من عبادة الأصنام إلى عبادته» ، فأرسلوه ثانية وقالوا: قل له بين لنا جنس معبودك، أمن ذهب أو فضة، فأنزل الله هذه السورة، فقالوا له: ثلاثمائة وستون صنما لا تقوم بحوائجنا، فكيف يقوم الواحد بحوائج الخلق؟ فنزلت: وَالصَّافَّاتِ [الصافات: ١] إلى قول: إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ [الصافات: ٤] فأرسلوه أخرى، وقالوا بين لنا أفعاله فنزل: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [يونس: ٣] . الثاني: أنها نزلت بسبب سؤال اليهود، روى عكرمة عن ابن عباس أن اليهود جاءوا إلى رسول الله ومعهم كعب بن الأشرف، فقالوا: يا محمد هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فغضب نبي الله عليه السلام فنزل جبريل فسكنه، وقال: اخفض جناحك يا محمد، فنزل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فلما تلاه عليهم قالوا: صف لنا ربك كيف عضده، وكيف ذراعه؟ فغضب أشد من غضبه الأول، فأتاه جبريل بقوله: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام: ٩١] . الثالث أنها نزلت بسبب سؤال النصارى، روى عطاء عن ابن عباس، قال: قدم وفد نجران، فقالوا: صف لنا ربك أمن زبرجد أو ياقوت، أو ذهب، أو فضة؟ فقال: إن ربي ليس من شيء لأنه خالق الأشياء فنزلت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قالوا: هو واحد، وأنت واحد، فقال: ليس كمثله شيء، قالوا: زدنا من الصفة، فقال: اللَّهُ الصَّمَدُ فقالوا: وما الصمد؟ فقال: الذي يصمد إليه الخلق في الحوائج، فقالوا: زدنا فنزل: لَمْ يَلِدْ كما ولدت مريم وَلَمْ يُولَدْ كما ولد عيسى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ يريد نظيرا من خلقه] . تفسير الرازي ٣٢/ ١٦١.