للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن يك حقا يا خديجة فاعلمي ... حديثك إيانا فأحمد مرسل

وجبريل يأتيه وميكال معهما ... من اللَّه وحي يشرح الصدر منزل

يفوز به من فاز فيها بتوبة ... ويشقى به الغالي القوي المضلل

فريقان منهم فرقة في جنانه ... وأخرى بأحواز الجحيم تعلل

فسبحان من تهوي الرياح بأمره ... ومن هو في الأيام ما شاء يفعل

ومن عرشه فوق السموات كلها ... وأقضاؤه في خلقه لا تبدل

[ (١) ]

[تنبيهات]

الأول: في رواية البخاري في التفسير: الرؤيا الصادقة وفي غيره: الصالحة. وهما بمعنى بالنسبة إلى أمور الآخرة في حق الأنبياء. وأما بالنسبة إلى أمور الدنيا فالصالحة في الأصل أخص، فرؤيا النبي كلها صادقة، وقد تكون صالحة، وهي الأكثر، وغير صالحة بالنسبة للدنيا كما وقع في الرؤيا يوم أحد.

وأما رؤيا غير الأنبياء فبينهما عموم وخصوص، إن فسرنا الصادقة بأنها التي لا تحتاج إلى تعبير، وأما إن فسرناها بأنها غير الأضغاث فالصالحة أخص مطلقا.

قال الإمام نصر بن يعقوب الدينوري في التعبير القادري: الرؤيا الصادقة ما يقع بعينه أو ما يعبر في المنام أو يخبر به من لا يكذب. والصالحة ما يسر.

الثاني: قال البيضاوي رحمه اللَّه: شبه ما جاءه في اليقظة ووجده في الخارج طبقاً لما رآه في المنام بالصبح في إنارته ووضوحه، والفلق: الصبح، لكنه لما كان مستعملا في هذا المعنى وفي غيره أضيف إليه للتخصيص والبيان إضافة العام إلى الخاص، كقولهم عين الشيء ونفسه.

قال الطيبي رحمه اللَّه تعالى: وللفلق شأن عظيم ولذلك جاء وصفا للَّه تعالى في قوله:

«فالق الإصباح» وأمر بالاستعاذة برب الفلق لأنه ينبئ عن انشقاق ظلمة عالم الشهادة وطلوع تباشير الصبح بظهور سلطان الشمس وإشراقها في الآفاق، كما أن الرؤيا الصالحة مبشرات تنبئ عن وفود أنوار عالم الغيب وآثار مطالع الهدايات، شبه الرؤيا التي هي جزء يسير من أجزاء


[ (١) ] القصيدة من بحر الطويل ويروى البيت الثالث:
............ ويشقى به العاني الغرير المضلل
ويروى قبل البيت الخامس:
إذا ما دعوا يا لويل فيها تتابعت ... مقامع في هاماتهم ثم كشعل
البداية والنهاية ٣/ ١١.