الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة
الوحي: مصدر وحى إليه يحي من باب وعد، وأوحى إليه بالألف مثله، وجمعه وحيّ.
والأصل فعول مثل فلوس.
وبعض العرب يقول وحيت إليه ووحيت له وأوحيت إليه وله.
وهو هنا لغة: الإعلام في خفاء، وقيل الإعلام بسرعة.
وشرعا: الإعلام بالشرع. وقد يطلق الوحي ويراد به اسم المفعول منه أي الموحى، من إطلاق المصدر على المفعول. قال تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى [النجم ٤] .
وهو كلام اللَّه المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم. وبسطت الكلام على الوحي ومعانيه في القول الجامع الوجيز فراجعه.
والرسول: إنسان ذكر أوحي إليه بالعمل والتبليغ، فعول من الرسالة، وهي قول اللَّه تعالى لمن اصطفاه: أرسلتك أو بعثتك فبلّغ عني. وقيل هي سفارة بين اللَّه وبين ذوي الألباب من خليقته.
وهي أفضل من النبوة، لأنها تثمر هداية الأمة، والنبوة قاصرة على النبي كالعلم والعبادة.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: النبوة أفضل لأنها الوحي بمعرفته تعالى وصفاته فهي متعلقة باللَّه من طرفيها، والرسالة الأمر بالتبليغ فهي متعلقة باللَّه من أحد الطرفين. وأجيب بأنها تستلزم النبوة فهي مشتملة عليها، لأنها كالرسول أخصّ من النبوة التي هي أعمّ كالنبي، وهو بمعنى المرسل فعول بمعنى مفعل، وذلك نادر.
وإرساله: أمر اللَّه تعالى له بالبلاغ إلى من أرسل إليهم، واشتقاقه من التتابع ومنه: جاء الناس أرسالا، إذا تبع بعضهم بعضا، فكأنه ألزم بتكرير التبليغ أو ألزمت الأمة اتباعه.
والنبي: إما أن يكون بمعنى منبّأ- بفتح الباء- لأن اللَّه تعالى أطلعه على غيبه وأعلمه أنه نبيّه، فهو فعيل بمعنى مفعول، أو بمعنى منبي أي مخبر للناس ما أوحى إليه فهو فعيل بمعنى فاعل، وهو بلا همز على الأكثر، قيل مخفف المهموز بقلب همزته ياء، وقيل إنه في الأصل من النّبوة- بفتح النون وسكون الباء- وهي الرّفعة لأن رتبته مرفوعة على سائر الخلق، وبالهمز من النبأ وهو الخبر لأنه مخبر عن اللَّه تعالى وقد لا يهمز على هذا أيضا للتسهيل.
وهو: إنسان ذكر أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، فإن أمر بذلك فهو رسول أيضا.
وقيل: وإن أمر بتبليغه ولم يكن له كتاب أو نسخ لبعض شرع من قبله فهو نبي، وإن كان له ذلك فهو رسول. فالرسول أخصّ من النبي على القولين. وقيل هما مترادفان لقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ [الحج ٥٢] فأثبت لهما الإرسال معا.