للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر الآية في التمر والأقط الذي جاء بهما بلال بتبوك]

روى محمد بن عمر [ (١) ] عن شيوخه قالوا: قال رجل من بني سعد هذيم: جئت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو جالس بتبوك في نفر فقال «يا بلال أطعمنا» . فبسط بلال نطعا ثم جعل يخرج من حميت له فأخرج خرجات بيده من تمر معجون بسمن وأقط، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-:

«كلوا» فأكلنا حتى شبعنا، فقلت: يا رسول الله، إن كنت لآكل هذا وحدي، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معاء واحد» ، ثم جئت في الغد متحينا لغدائه لأزداد في الإسلام يقينا، فإذا عشرة نفر حوله فقال: «هات أطعمنا يا بلال» فجعل يخرج من جراب تمرا بكفه قبضة قبضة فقال: «أخرج ولا تخش من ذي العرش إقلالا» فجاء بالجراب ونشره. فقال: فحزرته مدّين، فوضع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يده على التّمر وقال: «كلوا باسم الله» فأكل القوم وأكلت معهم، وأكلت حتى ما أجد له مسلكا. قال: وبقي على النطع مثل الذي جاء به بلال كأنا لم نأكل منه تمرة واحدة. قال: ثم غدوت من الغد وعاد نفر فكانوا عشرة أو يزيدون رجلا أو رجلين. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «يا بلال أطعمنا» فجاء بلال بذلك الجراب بعينه، أعرفه، فنثره، ووضع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يده عليه وقال: «كلوا باسم الله» فأكلنا حتى نهلنا ثم رجع مثل الذي صبّ ففعل ذلك ثلاثة أيام.

قصة أخرى:

روى محمد بن عمر، وأبو نعيم، وابن عساكر عن عرباض بن سارية- رضي الله عنه- قال: كنت ألزم باب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الحضر والسفر، فرأيتنا ليلة ونحن بتبوك وذهبنا لحاجة فرجعنا إلى منزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقد تعشى ومن معه من أضيافه، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يريد أن يدخل قبته- ومعه زوجته أم سلمة- فلما طلعت عليه قال: أين كنت منذ الليلة؟ فأخبرته، فطلع جعال بن سراقة وعبد الله بن مغفّل المزنيّ فكنّا ثلاثة كلنا جائع إنما نغشى باب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فدخل رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- البيت فطلب شيئا نأكله فلم يجده، فخرج إلينا فنادى: «يا بلال هل من عشاء لهؤلاء النفر» فقال: والذي بعثك بالحق لقد نفضنا جربنا وحمتنا، قال: «انظر عسى أن تجد شيئا» ، فأخذ الجرب ينفضها جرابا جرابا، فتقع التمرة والتمرتان حتى رأيت في يده سبع تمرات، ثم دعا بصحفة فوضع التمر فيها، ثم وضع يده على التّمرات، وسمّى الله- تعالى- فقال: «كلوا باسم الله» فأكلنا، فحصيت أربعا وخمسين تمرة، أعدّها عدّا ونواها في يدي الأخرى، وصاحباي يصنعان مثل ما أصنع، وشبعنا، فأكل كل واحد منّا خمسين تمرة، ورفعنا أيدينا فإذا التمرات السبع كما هي. فقال: «يا بلال ارفعها فإنّه لا يأكل منها أحد إلّا نهل شبعا» فلما أصبح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة الصبح


[ (١) ] المغازي للواقدي ٣/ ١٠١٧.