للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر بعض ما قيل في هذه الغزوة من الأشعار]

قال كعب بن مالك رضي الله عنه يذكر إجلاء بني النّضير وقتل ابن الأشرف:

لقد خزيت بغدرتها الحبور ... كذاك الدّهر ذو صرف يدور

وذلك أنّهم كفروا بربّ ... عزير أمره أمر كبير

وقد أوتوا معا فهما وعلما ... وجاءهم من الله النّذير

نذير صادق أدّى كتابا ... وآيات مبيّنة تنير

فقالوا: ما أتيت بأمر صدق ... وأنت بمنكر منّا جدير

فقال: بلى، لقد أدّيت حقّا ... يصدّقني به الفهم الخبير

فمن يتبعه يهد لكلّ رشد ... ومن يكفر به يجز الكفور

فلمّا أشربوا غدرا وكفرا ... وجدّ بهم عن الحقّ النّفور

أرى الله النّبيّ برأي صدق ... وكان الله يحكم لا يجور

فأيّده وسلّطه عليهم ... وكان نصيره نعم النّصير

فغودر منهم كعب صريعا ... فزلّت بعد مصرعه النّضير

على الكفّين ثمّ وقد علته ... بأيدينا مشهّرة ذكور

بأمر محمّد إذ دسّ ليلا ... إلى كعب أخا كعب يسير

فماكره فأنزله بمكر ... ومحمود أخو ثقة جسور

فتلك بنو النّضير بدار سوء ... أبارهم بما اجترموا المبير

غداة أتاهم في الزّحف رهوا ... رسول الله وهو بهم بصير

وغسّان الحماة مؤازروه ... على الأعداء وهو لهم وزير

وقال: السّلم ويحكم فصدّوا ... وحالف أمرهم كذب وزور

فذاقوا غبّ أمرهم وبالا ... لكّلّ ثلاثة منهم بعير

وأجلوا عامدين لقينقاع ... وغودر منهم نخل ودور

[تنبيهات]

الأول: النضير- بفتح النون وكسر الضاد المعجمة السّاقطة-: حيّ من يهود دخلوا في العرب وهم على نسبهم إلى هارون نبيّ الله تعالى صلى الله عليه وسلم، وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا، وكان الله تعالى قد كتب عليهم هذا الجلاء.

الثاني: قال في الهدي: زعم محمد بن شهاب الزّهريّ أنّ غزوة بني النّضير كانت بعد بدر بسّتة أشهر، وهذا وهم منه وغلط، بل الذي لا شك فيه أنّها كانت بعد أحد، انتهى.