«والله ما بيدي ما أقوّيهم به، قد علمت حالهم، وأنّهم ليست لهم قوة، ثم قال: «اللهم فافتح عليهم أعظم حصن فيها، أكثرها طعاما، وأكثرها ودكا» .
ودفع اللّواء إلى الحباب بن المنذر- رضي الله عنه- وندب النّاس، فما رجعنا حتى فتح الله علينا حصن الصّعب بن معاذ.
قالت أم مطاع الأسلمية- رضي الله عنها- لقد رأيت أسلم حين شكوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- ما شكوا من شدّة الحال، فندب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الناس فنهضوا، فرأيت أسلم أوّل من انتهى إلى حصن الصّعب بن معاذ، فما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى فتح الله- تعالى- وما بخيبر حصن أكثر طعاما وودكا منه، وكان عليه قتال شديد.
برز رجل من يهود يقال به يوشع، يدعو إلى البراز، فبرز له الحباب بن المنذر، فاختلفا ضربات فقتله الحباب، وبرز له آخر يقال له الزّيال، فبرز له عمارة بن عقبة الغفاريّ، فبادره الغفاري فضربه ضربة على هامته وهو يقول: خذها وأنا الغلام الغفاريّ، فقال الناس «بطل جهاده» ، فبلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- ذلك فقال: ما بأس به يؤجر ويحمد» .
وروى محمد بن عمر عن محمد بن مسلمة- رضي الله عنه- قال: رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رمى بسهم فما أخطأ رجلا منهم، وتبسّم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إليّ، وانفرجوا ودخلوا الحصن.
وروى محمد بن عمر عن جابر- رضي الله عنه- أنهم وجدوا في حصن الصّعب من الطّعام ما لم يكونوا يظنّون أنه هناك من الشّعير والتّمر والسّمن والعسل والزّيت والودك.
ونادى منادي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: كلوا واعلفوا ولا تحملوا، يقول: لا تخرجوا به إلى بلادكم.
ذكر محاصرته- صلى الله عليه وسلّم- حصن الزبير بن العوام- رضي الله عنه- الذي صار في سهمه بعد
روى البيهقي عن محمد بن عمر قال: لمّا تحولت يهود من حصن ناعم وحصن الصّعب بن معاذ إلى قلة الزّبير حاصرهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو حصن في رأس قلة، فأقام محاصرهم ثلاثة أيام، فجاء يهوديّ يدعى غزال فقال: يا أبا القاسم تؤمنني على أن أدلك على ما تستريح به من أهل النّطاة وتخرج إلى أهل الشّق، فإن أهل الشّق قد هلكوا رعبا منك؟ فأمّنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على أهله وماله، فقال اليهودي: إنك لو أقمت شهرا ما بالوا، لهم دبول