[الباب الثاني عشر في قدوم الأشعث بن قيس عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه.]
قال ابن إسحاق: وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الأشعث بن قيس في وفد كندة في ثمانين راكبا من كندة. فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده وقد رجّلوا جممهم وتكحّلوا عليهم جبب الحبرة، وقد كفّفوها بالحرير. فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألم تسلموا؟» قالوا: بلى. قال: «فما بال هذا الحرير في أعناقكم؟» قال: فشقّوه منها، فألقوه. ثم قال له الأشعث بن قيس: يا رسول الله، نحن بنو آكل المرار [وأنت ابن آكل المرار] . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «ناسبوا بهذا النّسب العباس بن عبد المطّلب، وربيعة بن الحارث» .
وكان العباس وربيعة تاجرين، وكانا إذا شاعا في بعض العرب فسئلا ممّن هما، قالا: نحن بنو آكل المرار يتعزّزان بذلك. وذلك أن كندة كانوا ملوكا ثم قال لهم: «لا، بل نحن بنو النضر بن كنانة [لا نقفوا أمنا ولا ننتفي من أبينا] [فقال الأشعث بن قيس الكندي: «هل فرغتم يا معشر كندة؟] والله لا أسمع رجلا يقولها إلا ضربته ثمانين» [ (١) ] .
قال ابن هشام: الأشعث بن قيس من ولد آكل المرار من قبل أمه، وآكل المرار:
الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارك بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كنديّ، ويقال كندة. وإنما سمّي آكل المرار لأن عمرو بن الهبولة الغسّاني أغار عليهم. فأكل هو وأصحابه في تلك الغزوة شجرا يقال له المرار.
[تنبيه: في بيان غريب ما سبق:.]
رجّلوا: براء فجيم مشددة مفتوحتين فلام.
جممهم: بجيم مضمومة فميمين مفتوحتين فهاء جمع جمّة وقد تقدم تفسيرها في أبواب صفة جسده الشريف.
جبب: بجيم مضمومة فموحدة مفتوحة فأخرى جمع جبّة، تقدم تفسيرها وكذلك الحبرة مرارا.
فكفّفوهما: بكاف ففاء مفتوحتين فأخرى مضمومة فواو [خاطوا حاشيتهما الخياطة الثانية بعد الشّل] .
آكل: بهمزة مفتوحة فألف فكاف مكسورة فلام.
المرار: بميم فراءين بينهما ألف.
شاعا: بشين معجمة فألف فعين مهملة فألف [انتشرا] .
الهبولة: [بهاء مفتوحة فموحدة مضمومة فواو فلام فتاء تأنيث] .
[ (١) ] انظر البداية والنهاية ٥/ ٧٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ١/ ٢/ ٦٤.