للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا [ (١) ] ، رواه الطبراني بإسناد حسن.

وفي المدارك للقاضي قال محمد بن مسلمة: سمعت مالكا يقول: دخلت على المهدي فقال: أوصني، فقلت: أوصيك بتقوى الله وحده والعطف على أهل بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيرانه، فإنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المدينة مهاجري ومنها مبعثي وبها قبري وأهلها جيراني، وحقيق على أمتي حفظ جيراني، فمن حفظهم فيّ كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة، ومن لم يحفظ وصيّتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال» .

وقال مصعب: «لما قدم المهدي المدينة استقبله مالك وغيره من أشرافها على أميال، فلما بصر بمالك انحرف المهدي إليه فعانقه وسلّم عليه وسايره فالتفت إليه مالك فقال: يا أمير المؤمنين إنك تدخل الآن المدينة، فتمر بقوم عن يمينك ويسارك، وهم أولاد المهاجرين والأنصار، فسلّم عليهم، فإن ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة، ولا خير من المدينة قال: ومن أين قلت ذلك يا أبا عبد الله؟ فقال: لأنه لا يعرف قبر نبيّ اليوم على وجه الأرض غير قبر محمد صلى الله عليه وسلم، ومن كان قبر محمد صلى الله عليه وسلّم عندهم فينبغي أن يعرف فضلهم على غيرهم. ففعل المهدي ما أمره به، وفيه إشارة إلى التفضيل بمجاورة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقد

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» ،

ولم يخصّ جارا دون جار.

ومن تأمّل هذا الفضل لم يرتب في تفضيل سكنى المديند على مكة، مع التسليم بمزيد المضاعفة لمكة، [إذ جهة الفضل غير منحصرة في ذلك] فتلك لها مزيد العدد، وهذه تضاعف البركة والمدد ولتلك جوار بيت الله، ولهذه جوار حبيب الله وأكرم الخلق على الله.

[تنبيهات]

الأول:

قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه» .

قال القاضي: اختلفوا فيه فقيل: هو مختصّ بمدة حياته صلى الله عليه وسلم، وقال آخرون: هو عامّ أبدا، وهذا أصح. وقال المحب الطبري: أنه الأظهر

لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «سيأتي على الناس زمان يفتح فيه فتحات الأرض فيخرج الناس إلى الأرياف يلتمسون الرخاء» .

. إلى آخر ما تقدّم.

الثاني:

قوله صلّى الله عليه وسلم في حديث: «ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ... »

إلى آخر الحديث، قال القاضي عياض: قوله: «في النار» يدفع إشكال الأحاديث التي


[ (١) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٣/ ٣٠٩ وعزاه للطبراني في الأوسط والكبير وقال: ورجاله رجال الصحيح.