وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق، والنور والموعظة، على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، [وانقطاع من الزمان] ، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرط وضل ضلالا بعيدا. أوصيكم بتقوى الله، فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة، وأن يأمره بتقوى الله عز وجل، فاحذروا ما حذركم الله من نفسه ولا أفضل من ذلك ذكرا، وإن تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربّه عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة، ومن يصلح [الذي] بينه وبين الله تعالى من [أمره في] السر والعلانية لا ينوي بذلك إلا وجه الله يكن له ذكرا في عاجل أمره [وذخرا فيما بعد الموت، حين يفتقر المرء إلى ما قدم. وما كان مما سوى ذلك يودّ لو أنّ بينه وبينه أمدا بعيدا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ [آل عمران: ٣٠] هو الذي صدق قوله، وأنجز وعده، لا خلف لذلك، فإنه يقول عز وجل ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [ق ٢٩] فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله في السر والعلانية فإنّه وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق ٥] ومن يتّق الله فقد فاز فوزا عظيما. وإن تقوى الله توقي مقته وتوقي عقوبته وتوقي سخطه وإن تقوى الله تبيّض الوجوه، وترضي الرب، وترفع الدّرجة. فخذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله، فقد علّمكم كتابه، ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين. فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وسماكم المسلمين لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ [الأنفال ٤٢] ولا حول ولا قوة إلا بالله. فأكثروا ذكر الله تعالى واعملوا لما بعد الموت، فإنه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس، ذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه. الله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» [ (١) ] .
[تنبيهات]
الأول: قال في الروض:
قوله صلّى الله عليه وسلم:«أحبوا الله من كل قلوبكم» ،
يريد أن تستغرق محبة الله تعالى جميع أجزاء القلب، فيكون ذكره وعمله خارجا من قلبه خالصا لله. وتقدم الكلام على محبّته لعبده، ومحبة العبد لربه في اسمه صلى الله عليه وسلّم:«حبيب الله» .
وقوله صلى الله عليه وسلم:«ولا تملوا كلام الله وذكره. فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفى»
قال السهيلي: الهاء في قوله: (فإنه) لا يجوز أن تكون عائدة على كلام الله تعالى، ولكنها