[الباب الحادي عشر في إخباره صلى الله عليه وسلم من قاتل الكفار قتالا شديدا أنه من أهل النار فقتل نفسه]
روى البخاري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا تبعها يضربها بالسيف، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنه من أهل النار» ، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه فكلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال:
فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أشهد أنك رسول الله، قال:«وما ذاك؟» قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك:«إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة» .
وروى أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام:«هذا من أهل النار» فلما حضر القتال، قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، إن الذي قلت إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إلى النار» ، زاد غيره: فكاد بعض الناس أن يرتاب فبينما هو على ذلك إذ وجد الرجل ألم الجراح، فأهوى بيده إلى كنانته، فانتزع منها سهما فانتحر بها، فاشتد رجال من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، صدق الله حديثك، قد انتحر فلان فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا بلال، قم فأذن: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» .