وصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بصلاته، ثم انصرف جبريل فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم خديجة فتوضأ لها يريها كيف الطّهور للصلاة كما أراه جبريل، فتوضأت كما توضأ لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم ثم صلّى لها كما صلى به جبريل، فصلّت بصلاته.
وروى الإمام أحمد والبيهقي وابن عبد البر عن إسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي عن أبيه، عن جده، قال: كنت امرأ تاجرا فقدمت الحج في الجاهلية، فأتيت العباس بن عبد المطلب لابتاع منه بعض التجارة فو اللَّه إني لعنده بمنى إذ خرج رجل مجتمع من خباء قريب منه، فنظر إلى الشمس فلما رآها مالت توضأ فأسبغ الوضوء ثم قام يصلي، ثم خرج غلام قد راهق الحلم من ذلك الخباء فقام يصلي معه، ثم لم ألبث إلا يسيرا حتى جاءت امرأة من ذلك الخباء فقامت خلفهما، ثم ركع الشاب وركع الغلام وركعت المرأة، ثم رفع الشاب ورفع الغلام ورفعت المرأة، ثم خرّ الشاب ساجدا وخرّ الغلام وخرّت المرأة فقلت للعباس: يا عباس ما هذا؟ قال: هذا محمد بن عبد المطلب ابن أخي. قلت: من هذه المرأة. قال: هذه امرأته خديجة بنت خويلد. فقلت: من هذا الفتى؟ قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عمه قلت:
فما هذا الذي يصنع؟ قال: يصلي، يزعم أنه نبي ولم يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الفتى، وهو يزعم أنه ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر.
قال عفيف: فليتني كنت آمنت به يومئذ فكنت أكون ثانيا مع علي بن أبي طالب.
وهذا الحديث يردّ قول من قال: إن فرض الصلاة كانت بالغداة والعشيّ فقط.
[تنبيهات]
الأول: قال السهيلي رحمه اللَّه تعالى: الوضوء على هذا الحديث- يعني رواية الحارث بن أبي أسامة. عن زيد بن حارثة- مكيّ بالفرض مدنيّ بالتلاوة، لأن آية الوضوء مدنية وإنما قالت عائشة: فأنزل اللَّه آية التيمم ولم تقل آية الوضوء وهي هي لأن الوضوء قد كان مفروضا قبل، غير أنه لم يكن قرآنا يتلى حتى نزلت آية المائدة.
قلت: قال الحاكم رحمه اللَّه تعالى في المستدرك: أهل السّنة بهم حاجة إلى دليل الرد على من زعم أن الوضوء لم يكن قبل نزول المائدة. ثم ساق
حديث ابن عباس: دخلت فاطمة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا على قتلك فقال: ائتوني بوضوء فتوضأ ثم خرج إلى المسجد.
وذكر الحديث.
وقال أبو عمر رحمه اللَّه تعالى: معلوم عند جميع أهل المغازي أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل منذ افترضت الصلاة إلا بوضوء، ولا يدفع هذا إلا جاهل أو معاند، قال: وفي قول عائشة رضي اللَّه