وولدي فإنهم جزعوا من الموت فاطلب إلى صاحبك فيهم أن يطلقهم، وأن يردّ أموالهم، فطلب ثابت من النبي- صلى الله عليه وسلم- أهل الزّبير وماله وولده، فرد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أهله وماله إلّا السّلاح. قال الزّبير: يا ثابت أسألك بيدي عندك إلّا ألحقتني بالقوم فما أنا بصائر لله فتلة دلو ناضح حتّى ألقى الأحبّة، قال ابن إسحاق: فقدّمه ثابت فضربت عنقه، وقال محمد بن عمر:
قال ثابت: ما كنت لأقتلك، قال الزبير: لا أبالي من قتلني، فقتله الزبير بن العوام. ولمّا بلغ أبا بكر الصديق قوله:«ألقى الأحبّة» قال: يلقاهم والله في نار جهنّم خالدا مخلّدا!
ذكر اصطفاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ريحانة بنت زيد النضرية لنفسه
كانت ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة من بني النضير متزوّجة في بني قريظة، اصطفاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لنفسه، وكانت جميلة، فعرض عليها رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- الإسلام فأبت إلّا اليهوديّة، فعزلها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ووجد في نفسه فأرسل إلى ابن سعيّة، فذكر له ذلك، فقال ابن سعيّة: فداك أبي وأمي هي تسلم؟ فخرج حتّى جاءها، فجعل يقول لها: لا تتّبعي قومك، فقد رأيت ما أدخل عليهم حيي بن اخطب، فاسلمي يصطفيك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لنفسه، فأجابت إلى ذلك، فبينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في أصحابه، إذ سمع وقع نعلين فقال:«إنّ هاتين لنعلا ابن سعيّة يبشرني بإسلام ريحانة» ، فجاءه، فقال: يا رسول الله، قد أسلمت ريحانة، فسر بذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم-[ (١) ] وسيأتي في ترجمتها نبذة من أخبارها وتحرير نسبها.
[ذكر قسم المغنم وبيعه]
لمّا اجتمعت المغانم أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بالمتاع فبيع فيمن يريد، وبيع السّبي وقسّمت النّخل أسهما، وكانت الخيل ستّة وثلاثين فرسا، فأسهم للفرس بسهمين، ولصاحبه سهم، وللرّاجل سهم. وقاد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أفراس فلم يضرب إلّا سهما واحدا.
وأسهم لخلّاد بن سويد وقد قتل تحت الحصن، وأسهم لأبي سنان بن محصن، مات ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحاصرهم. وكان يقاتل مع المسلمين، وكان المسلمون ثلاثة آلاف، وكانت سهمان الخيل والرجال على ثلاثة آلاف واثنين وسبعين سهما، للفرس سهمان، ولصاحبه سهم وكان السّبي ألفا من النّساء والصّبيان، فأخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خمسه قبل بيع المغنم، فجزّأ السّبي خمسة أجزاء، فأخذ خمسا، وكان يعتق منه ويهب منه، ويخدم منه
[ (١) ] أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق ١/ ٣١٢ وابن كثير في البداية ٥/ ٣٠٥.