للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الخامس والسبعون في وفود غسّان إليه صلى الله عليه وسلم

قال في زاد المعاد: وقدم وفد غسّان على النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان سنة عشر، وهم ثلاثة نفر، فأسلموا وقالوا: لا ندري أيتّبعنا قومنا أم لا، وهم يحبّون بقاء ملكهم وقرب قيصر، فأجازهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوائز وانصرفوا راجعين، فقدموا على قومهم فلم يستجيبوا لهم وكتموا إسلامهم. حتى مات منهم رجلان على الإسلام وأدرك الثالث منهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عام اليرموك فلقي أبا عبيدة فأخبره بإسلامه، فكان يكرمه.

[تنبيه: في بيان غريب ما سبق:.]

اليرموك: [واد بناحية الشام في طرف الغور يصبّ في نهر الأردن] .

[الباب السادس والسبعون في وفود فروة بن عمرو الجذامي صاحب بلاد معان بإسلامه على رسول الله صلى الله عليه وسلم]

قال ابن إسحاق: وبعث فروة بن عمرو الجذامي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا بإسلامه، وأهدى له بغلة بيضاء، وكان فروة عاملا لقيصر ملك الروم على من يليه من العرب، وكان منزله معان وما حولها من أرض الشام. فلما بلغ الروم ذلك من أمر إسلامه طلبوه حتى أخذوه فحبسوه عندهم فقال في محبسه شعرا على قافية النون وهو ستة أبيات:

طرقت سليمي موهنا أصحابي ... والرّوم بين الباب والقروان

صدّ الخيال وساءه ما قد رأى ... وهممت أن أغفي وقد أبكاني

لا تكحلنّ العين بعدي إثمدا ... سلمى ولا تدننّ للإتيان

ولقد علمت أبا كبيشة أنني ... وسط الأعزة لا يحصّ لساني

فلئن هلكت لتفقدنّ أخاكم ... ولئن بقيت لتعرفنّ مكاني

ولقد جمعت أجلّ ما جمع الفتى ... من جودة وشجاعة وبيان

فلما أجمعت الروم على صلبه على ماء لهم بفلسطين يقال له عفراء قال:

ألا هل أتى سلمى بأنّ حليلها ... على ماء عفرى فوق إحدى الرّواحل

على ناقة لم يضرب الفحل أمّها ... مشذّبة أطرافها بالمناجل

فزعم الزّهريّ بن شهاب أنهم لما قدّموه ليقتلوه قال:

أبلغ سراة المسلمين بأنّني ... سلم لربّي أعظمي ومقامي

ثم ضربوا عنقه وصلبوه على ذلك الماء، والله تعالى أعلم.