للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

روى ابن سعد وابن عساكر عن داود بن الحصين [ (١) ]- بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين- أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان ابن اثنتي عشرة سنة. قال البلاذري: وهو الثبت.

وروى أبو نعيم عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه وابن سعد وابن عساكر عن عبد الله بن محمد بن عقيل وابن سعد عن عبد الرحمن بن أبزى، والبزار والترمذي وحسنه عن أبي موسى الأشعري، وابن سعد عن داود بن الحصين، وأبو نعيم عن محمد بن عمر الأسلمي، والبيهقي عن محمد بن إسحاق قالوا: إن أبا طالب أراد المسير في ركب إلى الشام فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أي عم إلى من تخلّفني ها هنا؟ وصب به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فرق له أبو طالب فلما سارا أردفه خلفه فخرج به فنزلوا على صاحب دير فقال صاحب الدير: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني. قال: ما هو بابنك وما ينبغي أن يكون له أب حي. قال: ولم؟ قال: لأن وجهه وجه نبي وعينه عين نبي. قال: وما النبي؟ قال: الذي يوحى إليه من السماء فينبئ أهل الأرض.

قال اللَّه أجل مما تقول. قال فاتق عليه اليهود.

ثم خرج حتى نزل براهب أيضاً صاحب دير فقال: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني قال:

ما هو بابنك وما ينبغي أن يكون له أب حي. قال: ولم؟ قال: لأن وجهه وجه نبي وعينه عين نبي. قال: سبحان اللَّه! أجل مما تقول.

وقال أبو طالب للنبي صلى اللَّه عليه وسلم: يا ابن أخي ألا تسمع ما يقولون؟ قال: أي عم لا تنكر للَّه قدرة.

خبر بحيرا فلما نزل الركب بصرى وبها راهب يقال له بحيرا في صومعة له قال ابن إسحاق: وكان أعلم أهل النصرانية. فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك لا يكلمهم ولا يعرض لهم، حتى إذا كان ذلك العام نزلوا قريبا من صومعته فرأى وهو في صومعته رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في ركب حين أقبلوا وغمامة تظله من بين القوم ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حين استظل تحتها، فلما رأى بحيرا ذلك نزل من صومعته وجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وقال: هذا سيد العالمين هذا يبعثه اللَّه رحمة للعالمين. فقال له أشياخ من قريش: وما علمك؟ قال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يمر بشجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا


[ (١) ] داود بن الحصين، الأموي مولاهم، أبو سليمان المدني، ثقة، إلا في عكرمة، ورمي برأي الخوارج، من السادسة، مات سنة خمس وثلاثين. [التقريب ١/ ٢٣١] .