الباب الثلاثون في تاريخ وفاته- صلّى الله عليه وسلم-
روى الشيخان والبلاذري وابن جرير والبيهقي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يخرج ثلاثا وأبو بكر يصلي بالناس، وأن الناس بينما هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي لهم لم يفجأهم إلا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد كشف ستر حجرة عائشة، فنظر إليهم وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف، فما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحسن هيئة منه في تلك الساعة، وكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهم صفوف في الصلاة، ثم تبسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف فظن أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يريد أن يخرج إلى الصّلاة، قال أنس: وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأشار إليهم أن أتمّوا صلاتكم
فقال:«أيها الناس إنه لم يبق من مبشّرات النّبوّة إلا الرّؤيا الصالحة، يراها المسلم أو ترى له إلا وإنّي نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظّموا فيه الرّبّ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» ،
ثم دخل الحجرة وأرخى السّتر فتوفي من يومه ذلك.
وروى ابن سعد عن ابن شهاب قال: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين حين زاغت الشمس.
وروى عنه أيضاً عن ابن شهاب قال: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول» .
[تنبيهات]
الأول: قال السّهيلي وابن كثير والحافظ: لا خلاف أنه- صلى الله عليه وسلم- توفي يوم الاثنين في ربيع الأول.
قال: ابن عقبة حين زاغت الشمس.
قال في المنهل: والأكثر على أنّه حين اشتدّ الضّحى.
قال الأكثر في الثاني عشر منه وعند ابن عقبة، والليث والخوارزمي من هلال ربيع الأول.
وعند أبي مخنف والكلبي في ثانيه، وجزم به سليمان بن طرخان في «مغازيه» ورواه ابن سعد عن محمد بن قيس، ورواه ابن عساكر عن سعيد بن إبراهيم عن الزهري وعن أبي نعيم الفضل بن دكين ورجحه السهيلي.