الأول: قال ابن سيده عصمه يعصمه عصما وقاه، وفي التنزيل لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ [هود ٤٣] أي: لا معصوم إلا المرحوم انتهى.
والمراد بالعصمة هنا: منع الأنبياء من المعاصي.
الثاني: قال القاضي: ولا يشبّه عليك بقول إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- في الكوكب والقمر والشمس هذا رَبِّي فإنه قد قيل: هذا في سن الطفولية وابتداء النظر والاستدلال [وقبل لزوم التكليف] .
قلت: قال أبو محمد بن حزم: هذا القول خرافة موضوعة ظاهرة الافتعال، ومن المحال الممتنع، وقد أكذب الله تعالى هذا بقوله الصادق وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ [الأنبياء ٥١] فكيف يدخل في عقله أن الكوكب والشمس والقمر ربه من أجل أنها أكبر قرصا من القمر، هذا ما لا يظنه إلا سخيف العقل [....] .
الثالث: قال القاضي: فإن قلت ما معنى قوله لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ [الأنعام ٧٧] قيل: إنّه إن لم يؤيدني الله بمعونته أكن مثلكم في ضلالتكم وعبادتكم على معنى الإشفاق والحذر وإلا فهو معصوم في الأزل من الضّلال.
الرابع: قال القاضي: فإن قلت: ما معنى قوله تعالى وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا [إبراهيم ١٣] ثم قال تعالى بعد ذلك عن الرسل قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها [الأعراف ٨٩] فلا يشكل عليك لفظة العود وأنها تقتضي أنهم إنما يعودون إلى ما كانوا فيه من ملتهم، فقد تأتي هذه اللفظة في كلام العرب لغير ما ليس ابتداء بمعنى الصيرورة، كما جاء في حديث الجهنّميين عادوا حمما ولم يكونوا قبل كذلك.
ومثله قول الشاعر:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
[ (١) ] وما كان قبل ذلك.
وقال أبو حيّان:[....] .
الخامس: الحديث الذي يرويه عثمان بن أبي شيبة، عن جابر رضي الله عنه أنّ
[ (١) ] البيت لأبي الصلت والد أمية في الشعر والشعراء ص ٤٦٩ والعقد الفريد ٢/ ٢٣، ولأمية في ديوانه ص ٥٢ وللنابغة الجعدي كما في ديوانه ص ١١٢.