بسم الله الرحمن الرّحيم قال سيّدنا ومولانا وشيخنا شيخ الإسلام خاتمة المحدّثين والأعلام، أبو عبد الله محمّد ابن يوسف الشّامي، رحمه الله تعالى ورحمنا به، وجزاه خيراً عن تعبه ونصبه. آمين.
الحمد لله الذي خصّ سيّدنا محمدا صلى الله عليه وسلّم بأسنى المناقب، ورفعه في الشّرف إلى أعلى المراتب، وأيّده بالمعجزات الباهرات العجائب، التي فاقت ضوء النيّرين وزادت على عدد النّجوم الثواقب، وجعل سيرته الزكيّة أمناً لمن تمسّك بها ونجاةً من المعاطب أحمده سبحانه وتعالى حمداً أنال به رضاه وبلوغ المآرب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربّ المشارق والمغارب، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله المبعوث بالدّين الواصب، صلى الله عليه وسلّم وعلى آله وأصحابه الذين نالوا اشرف المناصب.
أمّا بعد:
فهذا كتاب اقتضبته من أكثر من ثلاثمائة كتاب، وتحرّيت فيه الصّواب، ذكرت فيه قطرات من بحار فضائل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من مبدأ خلقه قبل خلق سيدنا آدم صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوّته وشمائله وسيرته وأفعاله وأحواله وتقلّباته، إلى أن نقله الله تعالى إلى أعلى جنّاته، وما أعدّه له فيها من الإنعام والتعظيم، عليه من الله أفضل الصّلاة وأزكى التّسليم.
ولم أذكر فيه شيئاً من الأحاديث الموضوعات، وختمت كلّ باب بأيضاًح ما أشكل فيه وبعض ما اشتمل عليه من النّفائس المستجادات، مع بيان غريب الألفاظ وضبط المشكلات، والجمع بين الأحاديث التي قد يظنّ أنّها من المتناقضات.
وإذا ذكرت حديثاً من عند أحد من الأئمّة فإنّي أجمع بين ألفاظ رواته إذا اتفقوا، [وإذا عزوته لمخرّجين فأكثر فإني أجمع بين ألفاظهم إذا اتفقوا] فلا يعترض عليّ إذا عزوت الحديث للبخاريّ ومسلم وذكرت معهما غيرهما، فإن ذلك لأجل الزّيادة التي عندهما غالباً.
وإذا كان الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم صحابيّاً قلت: رضي الله تعالى عنه.