[جماع أبواب بعض حوادث من السنة الأولى والثانية من الهجرة]
[الباب الأول في صلاته صلى الله عليه وسلم الجمعة ببني سالم بن عوف]
وهي أول جمعة صلّاها وأوّل خطبة في الإسلام كما جزم به [
أبو سلمة بن عبد الرحمن] في العيون [نقلا عن] ابن إسحاق، والبيهقي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال:«كان أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة أنه قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: « [أما بعد] : أيها الناس فقدموا لأنفسكم تعلمن والله [ليصعقن] أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع، ثم ليقولن له ربّه، وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه: ألم يأتك رسولي فبلغك وآتيتك مالا وأفضلت عليك فما قدمت لنفسك؟ فلينظرن يمينا وشمالا فلا يرى شيئاً، ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة، فإن بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسلام [عليكم] وعلى رسول الله ورحمة الله وبركاته» .
ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أخرى
فقال:«إن الحمد لله أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألّا إله إلا الله وحده لا شريك له، إن أحسن الحديث كتاب الله تبارك وتعالى، قد أفلح من زينه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس، أنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبّوا من أحبّه الله، أحبوا الله من كل قلوبكم ولا تملوا كلام الله وذكره، ولا تقس عنه قلوبكم، فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي قد سماه الله خيرته من الأعمال ومصطفاه من العباد والصالح من الحديث، ومن كل ما أوتي الناس من الحلال والحرام، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً واتّقوه حق تقاته واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله بينكم، إن الله يغضب أن ينكث عهده. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» .
وروى ابن جرير عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي أنه بلغه عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم بن عوف: «الحمد لله أحمده وأستعينه، وأستغفره وأستهديه، وأومن به ولا أكفره، وأعادي من يكفره، وأشهد ألّا إله إلا الله وحده لا شريك له،