الباب الثامن والثلاثون في وفود حمير ورسولهم على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
قال الإمام الهمداني في الأنساب: كتب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى الحارث بن عبد كلال بن غرب وأخيه نعيم، وأمر رسوله أن يقرأ عليهما لم يكن. ووفد عليه الحارث فأسلم فاعتنقه وأفرشه رداءه، وقال قبل أن يدخل عليه:«يدخل عليكم من هذا الفجّ رجل كريم الجدّين صبيح الخدّين فكأنه» انتهى.
قال الحافظ رحمه اللَّه تعالى:«والذي تضافرت به الروايات أنه أرسل بإسلامه وأقام باليمن» .
وروى ابن سعد رحمه اللَّه تعالى عن رجل من حمير أدرك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ووفد عليه قال: قدم على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مالك بن مرارة الرّهاوي رسول ملوك حمير بكتابهم [وإسلامهم] وهم الحارث بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال والنّعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان، وذلك في شهر رمضان سنة تسع. وقال ابن إسحاق: مقدم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من تبوك.
فأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بلالا أن ينزله ويكرمه ويضيّفه.
وكتب إليهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «أما بعد فإني أحمد إليكم اللَّه الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإنه قد وقع بنا رسولكم مقفلنا من أرض الروم، فبلّغ ما أرسلتم به، وخبّر عمّا قبلكم، وأنبأنا بإسلامكم وقتلكم المشركين، فإن اللَّه تبارك وتعالى قد هداكم بهداه إن أصلحتم وأطعتم اللَّه ورسوله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة، وأعطيتم من المغنم خمس اللَّه وخمس نبيّه وصفيّه، وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء، وعلى ما سقى الغرب نصف العشر. إن في الإبل الأربعين ابنة لبون، وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر، وفي كل خمس من الإبل شاة، وفي كل عشر من الإبل شاتان، وفي كل أربعين من البقر بقرة، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع جذع أو جذعة، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة،: وإنها فريضة اللَّه التي فرض على المؤمنين في الصدقة، فمن زاد خيرا فهو خير له، ومن أدّى ذلك وأشهد على إسلامه، وظاهر المؤمنين على المشركين فإنه من المؤمنين: له ما لهم وعليه ما عليهم، وله ذمّة اللَّه وذمّة رسوله، وإنه من أسلم من يهودي أو نصراني فإنه من المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يردّ عنها، وعليه الجزية على كل حالم- ذكر أو أنثى، حرّ أو عبد- دينار واف من قيمة المعافر أو عوضه ثيابا، فمن أدّى ذلك إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فإن له ذمّة اللَّه وذمّة رسوله، ومن منعه فإنه عدوّ للَّه ولرسوله.
أما بعد فإن رسول اللَّه محمدا أرسل إلى زرعة ذي يزن أن إذا أتاكم رسلي فأوصيكم