منه. وروى الإمام أحمد بلفظ:«لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم» . والنسائي بلفظ:«كنّا إذا حمي البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم» .
[ذكر دعاء أبي جهل على نفسه]
روى ابن إسحاق والإمام أحمد، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير- بالمهملتين مصغّرا- العذريّ وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال: لما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قال أبو جهل: «اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف فأحن الغداة، اللهم من كان أحبّ إليك وأرضى عندك فانصره اليوم» . فكان هو المستفتح على نفسه، فانزل الله تعالى: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ [الأنفال ١٩] .
[ذكر مقتل عدو الله أمية بن خلف]
روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه عن سعد بن معاذ أنه كان صديقا لأمية بن خلف، وكان أمية إذا نزل بالمدينة مرّ على سعد، وكان سعد إذا مرّ بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انطلق سعد معتمرا، فنزل على أميّة بمكة فقال لأمية: انظر لي ساعة خلوة لعلّي أن أطوف بالبيت، فخرج به قريبا من نصف النهار فلقيهما أبو جهل فقال: يا أبا صفوان من هذا معك؟ فقال: هذا سعد، فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنا، وقد آويتم الصّباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم، أما والله لولا أنّك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما، فقال له سعد ورفع صوته عليه: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنّك ما هو أشد عليك منه، طريقك إلى المدينة، فقال له أميّة: لا ترفع صوتك على أبي الحكم سيّد أهل الوادي،
فقال سعد: دعنا عنك يا أميّة: فو الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه قاتلك»
وفي لفظ: إنهم قاتلوك. قال: إيّاي؟! قال: نعم. قال: بمكة؟ قال: لا أدري، ففزع لذلك أمية فزعا شديدا وقال: والله ما يكذب محمد إذا حدّث. فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم ترى ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمدا أخبرهم أنّهم قاتليّ. فقلت له: بمكة؟ قال: لا أدري، فقال أمية: والله لا أخرج من مكة. فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس فقال: أدركوا عيركم، فكره أميّة أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان إنك متى يراك النّاس قد تخلّفت- وأنت سيّد أهل الوادي- تخلّفوا معك، فلم يزل به أبو جهل حتى قال: أما إذ غلبتني لأشترينّ أجود بعير بمكة.
وعن ابن إسحاق أن عقبة بن أبي معيط أتى أمية بن خلف لمّا أجمع القعود، وهو جالس في المسجد بين ظهراني قومه بمجمرة يحملها، فيها نار وبخور، حتى وضعها بين يديه، ثم قال: يا أبا عليّ استجمر فإنما أنت من النساء، قال: قبّحك الله وقبّح ما جئت به، ثم