للقتل، فأعارته إياها، فدرج بني لها، قالت وأنا غافلة، حتى أتاه فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، قالت: ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتحسبين أني أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، فقالت: والله ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده، وأنه لموثق في الحديد، وما بمكة من تمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبا، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: دعوني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، ثم قال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع من الموت لزدت، اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا:
فلست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله. وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة، واستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه حين أصيبوا خبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قتل رجلا عظيما منهم يوم بدر، فبعث الله إلى عاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا منه شيئا.
[الباب العشرون في آيات وقعت لأبي بن كعب]
وروي عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي كعب:«إن الله أمرني أن أقرأ عليك لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا قال: الله سماني لك؟ قال: «نعم» فجعل أبي يبكي.
[الباب الحادي والعشرون في بعض آيات وقعت لسلمان الفارسي]
وروى عن ابن عباس، قال: حدثني سلمان قال: كنت رجلا من أهل فارس من أصبهان، من جيّ، ابن رجل من دهاقينها- وفي حديث ابن إدريس: وكان أبي دهقان أرضه، وكنت أحب الخلق إليه- وفي حديث البكائي: أحب عباد الله إليه، فأجلسني في البيت كالجواري، فاجتهدت في الفارسية- وفي حديث علي بن جابر: في المجوسية- فكنت في النار التي توقد فلا تخبو، وكان أبي صاحب ضيعة، وكان له بناء يعالجه- زاد ابن إدريس في حديثه: في داره- فقال لي يوما: يا بني، قد شغلني ما ترى فانطلق إلى الضيعة، ولا تحتبس