للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وسابعها:]

الأفعال، وهي الجذب والدّفع.

وأحوال بدن الإنسان ثلاثة: الصّحّة، والمرض وحالة لا صحّة ولا مرض كالنّاقة، وهو الّذي برئ من مرضه ولم يرجع لحالته الأولى، والشّيخة.

فالصّحّة هيئة بدنية تكون الأفعال معها سليمة، فالعافية أفضل ما أنعم الله على الإنسان بعد الإسلام، إذ لا يتمكّن الإنسان من حسن تصرّفه والقيام بطاعة ربّه إلا بوجودها، ولا مثل لها، فليشكرها العبد ولا يكفرها.

وقد قال- صلى الله عليه وسلم-: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصّحّة والفراغ» [ (١) ] رواه البخاريّ.

وقال- عليه الصلاة والسلام-: «سلوا الله، العفو والعافية، فإنّه ما أوتي أحد بعد اليقين خيرا من معافاة» [ (٢) ] رواه النّسائيّ.

وعنه- صلى الله عليه وسلم-: «ما سئل الله شيئا أحب إليه من أن يسأل العافية» [ (٣) ] رواه الترمذي.

وسأل أعرابي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ما أسأل الله بعد الصّلوات؟ قال:

«سل الله العافية» .

وفي حكمة داود- عليه الصلاة والسّلام-: «العافية ملك خفيّ وغمّ ساعة هرم سنة» .

وقيل: العافية تاج على رؤوس الأصحّاء، لا يبصرها إلا المرضى.

وقيل: العافية نعمة مغفول عنها.

وكان بعض السلف يقول: كم لله من نعمة تحت كل عرق ساكن، اللهم، ارزقنا العفو والعافية في الدّين والدنيا والآخرة.

والمرض: حالة مضادّة للصّحّة يخرج بها الجسم عن المجرى الطبيعيّ، وكل مرض له ابتداء فيزيد، وانحطاط وانتهاء،

والأسباب ستّة:

[أحدها:]

الهواء، ويضطرّ إليه لتعديل الرّوح، فما دام صافيا لا يخالطه نتن وريح خبيثة، كان حافظا للصّحة، فإن تغيّر تغير حكمه، وكل فصل فإنه يورث الأمراض المناسبة له ويزيل المضادّة له، فالصّيف يثير الصّفراء، ويوجب أمراضها، ويبرئ الأمراض الباردة، والهواء البارد يشدّ البدن ويقوّيه، ويجيد الهضم، والحارّ بالضّدّ، وعند تغير الهواء يكون الوباء.


[ (١) ] أخرجه البخاري ١١/ ٢٢٩ (٦٤١٢) .
[ (٢) ] أخرجه النسائي في السنن الكبرى ٦/ ٢٢٠.
[ (٣) ] أخرجه الترمذي ٥/ ٥٠٠ (٣٥١٥) .