والسّبب فيها إغارة عيينة بن حصن بن حذيفة الفزاري في خيل غطفان على لقاح رسول الله- صلى الله عليه وسلم.
روى الشيخان، والبيهقي عن يزيد بن أبي عبيد، ومسلم وابن سعد، والبيهقي عن إياس بن سلمة بن الأكوع كلاهما عن سلمة- رضي الله عنه. وابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر ومن لا يتّهم عن عبد الله بن كعب بن مالك، ومحمد بن عمر عن شيوخه، وابن سعد عن رجاله، أن لقاح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كانت عشرين لقحة وكانت ترعى البيضاء ودون البيضاء إلى الجبل، وهو طريق خيبر، فأجدب ما هنالك فقرّبوها إلى الغابة تصيب من أثلها وطرفائها وتغدو في الشجر، وكان الرّاعي يؤوب بلبنها كل ليلة عند المغرب [ (١) ] .
قال محمد بن عمر: وكان أبو ذرّ قد استأذن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى لقاحه، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إني أخاف عليك من هذه الضاحية أن تغير عليك» . ونحن لا نأمن من عيينة بن حصن وذويه وهي في طرف من أطرافهم، فألحّ عليه، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-:
«لكأني بك قد قتل ابنك وأخذت امرأتك، وجئت تتوكأ على عصاك» فكان أبو ذرّ يقول:
عجبا لي، إن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يقول:«لكأني بك» وأنا ألحّ عليه،
فكان- والله- ما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال أبو ذر: والله إني لفي منزلنا، ولقاح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد روّحت وعطّفت وحلبت عتمتها، ونمنا، فلما كان الليل أحدق بنا عيينة بن حصن في أربعين فارسا، فصاحوا بنا وهم قيام فأشرف لهم ابني فقتلوه، وكانت معه امرأته وثلاثة نفر فنجوا، وتنحيت عنهم، وشغلهم عني إطلاق عقل اللّقاح، ثم صاحوا في أدبارها، فكان آخر العهد بها، ولمّا قدمت على رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وأخبرته تبسّم.
وقال سلمة بن الأكوع: خرجت قبل أن يؤذن بالأولى، وكانت لقاح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بذي قرد، فبعث رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بظهره مع رباح- بفتح الراء وبالموحدة- غلام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأنا معه، وخرجت بفرس طلحة أندّيه مع الظّهر، فلقيت غلاما لعبد الرحمن بن عوف كان في إبل لعبد الرحمن بن عوف فأخطئوا مكانها، واهتدوا للقاح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأخبرني أن لقاح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد أغار عليها عيينة بن حصن في أربعين فارسا من غطفان.