الباب الثالث في أمره- صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه بهجاء المشركين
روى الإمام أحمد والشيخان عن البراء بن عازب- رضي اللَّه تعالى عنهما- أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال يوم قريظة لحسان- رضي اللَّه تعالى عنه-: اهج المشركين وفي لفظ:
هاجهم وجبريل معك وفي لفظ: فإن روح القدس معك.
وروى ابن سعد عن جابر- رضي اللَّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: من يحمي أعراض المسلمين؟ فقال عبد اللَّه بن رواحة: أنا، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:«إنك لا تحسن الشعر» ، فقال حسان بن ثابت- رضي اللَّه تعالى عنه- أنا، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم «اهجهم، فإنّ روح القدس سيعينك» .
وروى ابن سعد عن ابن سيرين مرسلا أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال:«إذا نصر القوم بسلاحهم أنفسهم، فألسنتهم أحقّ» فقام رجل فقال: يا رسول اللَّه، أنا، فقال: لست هناك، فجلس فقام آخر فقال: يا رسول اللَّه أنا، فقال بيده: يعني لا أجلس
فقام حسان- رضي اللَّه تعالى عنه- فقال: يا رسول اللَّه، ما يسرني به مقولا بين صنعاء وبصرى، وإنك واللَّه، ما سببت قوما قطّ هو أشد عليهم من شيء يعرفونه فمرّ بي إلى من يعرف أيامهم وبيوتاتهم حتى أضع لساني فأمر به إلى أبي بكر- رضي اللَّه تعالى عنه-.
وروى مسلم والبرقاني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنّه سمع حسان بن ثابت يستشهد بأبي هريرة، أنشدك اللَّه، هل سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يقول: يا حسّان أجب عني، اللهم، أيّده بروح القدس؟ قال أبو هريرة- رضي اللَّه تعالى عنه-: نعم.
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن حسان- رضي اللَّه تعالى عنه- أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال:«إذا حارب أصحابي بالسّلاح، فحارب أنت بلسانك» .
وروى الإمام أحمد عن عمار بن ياسر- رضي اللَّه تعالى عنه- قال: لما هجانا المشركون شكونا ذلك إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «قولوا لهم كما يقولون لكم» قال: فلقد رأيتنا تعمله إماء أهل المدينة.
وروى أبو الحسن بن الضّحاك، وقال هذا غريب من حديث يسار من مسند حسان بن ثابت ورجاله ثقات، والمحفوظ أنه من مسند البراء بن عازب- رضي اللَّه تعالى عنهما- قال: سمعت حسان بن ثابت- رضي اللَّه تعالى عنه- يقول: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «اهجهم، أو هاجمهم يعني المشركين، وجبريل- عليه السلام- معك» .