قدومه المدينة، [ويجاب بأنه لا منافاة فإن الظرف، وهو قوله: يوم قدم المدينة] [ (١) ] ليس متعلقا بالفعل، وهو أمر بالمصدر، وهو التاريخ أي أمر أن يؤرّخ بذلك اليوم، لأنه الأمر في ذلك اليوم فتأمله، فإنه نفيس جدا انتهى كلام الشيخ- رحمه الله تعالى-.
وروى البخاري في تاريخه «الصغير» عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنه- قال: كان التاريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة.
وروى البخاري في «صحيحه» ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه عن سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- زاد ابن أبي شيبة قال: أخطأ الناس العدد انتهى، أي: لم يعدوا من مبعث النبي- صلّى الله عليه وسلم- ولا من متوفاه، إنما عدوا من مقدمة المدينة.
قال مصعب الزبيري: وكان تاريخ قريش من متوفى هاشم بن المغيرة يعني آخر تاريخهم.
قوله:«أخطأ الناس العدد» أي: أغفلوه وتركوه، ثم استدركوه ولم يرد أن الصواب خلاف ما عملوا، ويحتمل أن يريده، وأنه كان يرى أن البداءة بالمبعث أو الوفاة أولى، وله اتجاه. لكن الراجح خلافه.
وقوله:«مقدمه» أي: زمن قدومه، ولم يرد شهر قدومه، لأن التاريخ إنما وقع من أول السنة.
قاله الحافظ- رحمه الله-.
وقال عمرو بن دينار: أن أول من أرخ في الكتب يعلى بن أمية وهو باليمن.
رواه الإمام أحمد بسند صحيح لكن فيه انقطاع بين عمرو ويعلى.
الثّاني: ذكروا في سبب عمل التّاريخ أشياء.
منها: ما رواه أبو نعيم- الفضل بن دكين بضم الدال المهملة وفتح الكاف وسكون التحتية وبالنون شيخ البخاري في «تاريخه» من طريق الشعبي أن أبا موسى- رضي الله تعالى عنه- كتب إلى عمر- رضي الله تعالى عنه-: أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: أرخ بالمبعث، وبعضهم: أرخ بالهجرة. فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا بها، وذلك سنة سبع عشرة، فلما اتفقوا. قال بعضهم: ابدأوا برمضان، فقال بعضهم: بل المحرم فإنّه منصرف الناس من حجّهم، فاتفقوا عليه.