وغدروا بهم. قال ابن إسحاق:«إلا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النّجار فإنهم تركوه وبه رمق فارتثّ من بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا» .
وقال محمد بن عمر: وبقي المنذر بن عمرو فقالوا له: إن شئت آمنّاك. فقال: لن أعطي بيدي ولن أقبل لكم أمانا حتى آتي مقتل حرام [ثم برئ مني جواركم، فآمنوه حتى أتى مصرع حرام] ثم برئوا إليه من جوارهم. ثم قاتلهم حتى قتل. فذلك قول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:«أعنق ليموت» . وأقبل المنذر بن محمد بن عقبة كما ذكره ابن إسحاق وغيره. وقال ابن عمر:
الحارث ابن الصّمّة، وعمرو بن أمية بالسّرح، وقد ارتابا بعكوف الطير على منزلهم [أو قريب من منزلهم] فجعلا يقولان: قتل واللَّه أصحابنا فأوفيا على نشز من الأرض، فإذا أصحابهما مقتولون وإذا الخيل واقفة. فقال المنذر بن محمد بن عقبة أو الحارث بن الصّمّة [لعمرو بن أمية] : «ما ترى؟» قال: «أرى أن نلحق برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فنخبره الخبر» . فقال الآخر:«ما كنت لأتأخر عن موطن قتل فيه المنذر، ما كنت لتخبرني عنه الرجال» . فأقبلا فلقيا القوم فقاتلهم الحارث حتى قتل منهم اثنين، ثم أخذوه فأسروه وأسروا عمرو بن أمية. وقالوا للحارث:«ما تحب أن نصنع بك؟ فإنا لا نحب قتلك» . قال:«أبلغوني مصرع المنذر بن عمرو، وحرام بن ملحان ثم برئت مني ذمتكم» . قالوا:«نفعل» . فبلغوا به ثم أرسلوه فقاتلهم فقتل منهم اثنين، ثم قتل، وما قتلوه حتى شرعوا له الرماح فنظموه فيها. وأخبرهم عمرو بن أمية وهو أسير في أيديهم إنه من مضر ولم يقاتل، فقال عامر بن الطفيل:«أنه قد كان على أمّي نسمة فأنت حرّ عنها» .
وجزّ ناصيته.
[ذكر مقتل عامر بن فهيرة وما وقع في ذلك من الآيات]
روى البخاري من طريق هشام بن عروة قال أخبرني أبي قال:«لما قتل الذين قتلوا ببئر معونة وأسر عمرو بن أمية، قال عامر بن الطفيل لعمرو من هذا؟ وأشار إلى قتيل فقال هذا عامر بن فهيرة فقال: لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض ثم وضع» .
وروى محمد بن عمر عن أبي الأسود عن عروة أن عامر بن الطفيل قال لعمرو بن أمية:
هل تعرف أصحابك؟ قال: نعم، قال فطاف في القتلى وجعل يسأله عن أنسابهم. فقال: هل تفقد منهم أحدا؟ قال: أفقد مولى لأبي بكر يقال له عامر بن فهيرة فقال: كيف كان فيكم؟
قال: قلت: كان من أفضلنا ومن أول أصحاب نبينا فقال: ألا أخبرك خبره؟ وأشار إلى رجل فقال هذا طعنه برمحه ثم انتزع رمحه فذهب بالرجل علوا في السماء حتى ما أراه. وكان الذي طعنه رجل من بني كلاب يقال له جبّار بن سلمى وأسلم بعد ذلك. وذكر أبو عمر في الاستيعاب