خلقها من داخلها ومن خارجها بالطّيب والزعفران وكساها القباطيّ وقال: من كانت لي عليه طاعة فليخرج فليعتمر من التّنعيم، ومن قدر أن ينحر بدنة فليفعل، فإن لم يقدر فشاة، ومن لم يقدر فليتصدق بما تيسّر.
وأخرج ابن الزبير مائة بدنة، فلما طاف بالبيت استلم الأركان الأربعة جميعاً.
فلم يزل البيت على بناء ابن الزبير تستلم الأركان كلها، ويدخل من باب ويخرج من باب حتى قتل ابن الزبير وقتل ودخل الحجاج مكة، فكتب إلى عبد الملك بكل ما فعله ابن الزبير. فكتب إليه عبد الملك بن مروان أن أهدم ما زاده فيها من الحجر وردّها على ما كانت عليه وسدّ الباب الغربي الذي فتح واترك سائرها.
فكلّ البيت اليوم على بنيان ابن الزبير، إلا الجدار الذي في الحجر وموضع سد الباب الغربي، فإنه من بنيان الحجاج، وغيّر تلك الدّرج التي في جوفها، ونقص من طول الباب خمسة أذرع.
فلما حج عبد الملك قال له الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي [ (١) ] : أنا أشهد لابن الزبير بالحديث الذي سمعه من عائشة فقد سمعته أنا أيضاً منها. قال: أنت سمعته منها؟
قال: نعم، فجعل ينكث بقضيب كان في يده في الأرض ساعة ثم قال: وددت أني كنت تركته وما تحمّل.
[المرة العاشرة: عمارة الحجاج.]
وتقدم بيانها ذكره السهيلي والنووي رحمهما الله تعالى.
قال في شفاء الغرام: وفي إطلاق العبارة بأنه بنى الكعبة تجوّز لأنه لم يبن إلا بعضها.
[ (١) ] الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القباع بضم القاف وتخفيف الموحدة ولي البصرة، أرسل. وعن عمر وعائشة. وعنه أبو قزعة والزّهري. مات بعد الستين. الخلاصة ١/ ١٨٣.