من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم وفي لفظ: فأقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئتهم.
- زاد سيف- ولا تستأثروا عليهم، ألا وإنّي فرط لكم وأنتم لاحقون بي ألا وإنّ موعدكم الحوض فمن أحب أن يرده غدا فليكفف لسانه ويده ألا فيما ينبغي يا أيها الناس إنّ الذّنوب تغيّر النّعم وتبدّل القسم، فإذا بر الناس برهم وإذا فجر الناس عقهم.
[في بيان غريب ما سبق.]
دسما: بدال فسين مهملتين فميم أي: سوداء الملحفة.
كرشي وعيبتي قال الحافظ: أي بطانتي وخاصّتي قال القزاز: ضرب المثل بالكرش لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون فيه نماؤه، ويقال: كرش منثورة أي عيال كثيرة، والعيبة بفتح المهملة وسكون المثناة بعدها موحدة ما يحرز فيه الرجل نفيس ما عنده، يريد أنهم موضع سره وأمانته، قال ابن دريد: هذا من كلامه- صلى الله عليه وسلم- الموجز الذي لم يسبق إليه وقال غيره الكرش بمنزلة المعدة للإنسان والعيبة: مستودع الثياب، والأول أمر باطن، والثاني أمر ظاهر، فكأنه ضرب المثل بهما في إرادة اختصاصهم بأموره الباطنة والظاهرة، والأوّل أولى وكل من الأمرين مستودع لما يخص فيه] .
الباب السادس عشر في جمعه- صلّى الله عليه وسلم- أصحابه في بيت عائشة- رضي الله تعالى عنها- ووصيته لهم
روي عن مرّة عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنهم- قال: نعى إلينا نبيّنا وحبيبنا- صلى الله عليه وسلم- نفسه قبل موته بشهر، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة فنظر إلينا وتشدّد ودمعت عيناه، وتداوم القوم ونظر إلى الأرض وقال: مرحبا بكم- حيّاكم الله رحمكم الله آواكم الله قبلكم الله أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله عز وجل بكم وأستخلفه عليكم وأذكّركم الله وأشهدكم أنّي لكم منه نذير وبشير أن لا تعلوا على الله في عباده وبلاده فإنه عز وجل قال لي ولكم تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص: ٨٣] وقال: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر:
٦٠] قلنا: متى أجلك يا رسول الله؟ فقال: دنا الأجل والمنقلب إلى الله عز وجلّ وإلى سدرة المنتهى، وإلى جنّة المأوى والفردوس الأعلى والكأس الأوفى والعيش والحظّ المهنّى قلنا:
فمن يغسّلك يا رسول الله؟ قال رجال من أهل بيتي الأدنى فالأدنى.