للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتّى رووا، فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ ورفع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يده من الجفنة، وهي ملأى.

وشكا الناس الجوع، فقال: «عسى الله أن يطعمكم بسيف البحر» فأتينا سيف البحر، فألقى دابة فأورينا على شقّها النّار، فشوينا، وأكلنا وطبخنا، وشبعنا.

قال جابر: فدخلت أنا وفلان وفلان، حتى عدّ خمسة في حجاج عينها، ما يرانا أحد حتّى خرجنا، وأخذنا ضلعا من أضلاعها، فقوسناه، ثم دعونا بأعظم رجل في الركب وأعظم جمل فدخل تحته ما يطأطئ رأسه.

[ذكر قصة الطائر الذي سقط على فرخه لما صاده بعض الصحابة رضي الله عنهم]

روى محمد بن عمر، وأبو نعيم- رحمه الله تعالى- عن جابر- رضي الله عنه- قال: إنّا لمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذ جاء رجل من أصحابه بفرخ طائر، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- ينظر إليه، فأقبل أبواه أو أحدهما حتّى طرح نفسه في يدي الذي أخذ فرخه، فرأيت النّاس يعجبون من ذلك، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أتعجبون من هذا الطّائر؟ أخذتم فرخه، فطرح نفسه رحمة بفرخه، والله لربّكم أرحم بكم من هذا الطّائر بفرخه» .

ذكر منقبة لعباد بن بشر- رضي الله عنه

روى ابن إسحاق عن جابر- رضي الله عنه- ومحمد بن عمر عن شيوخه- رحمهما الله تعالى إن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أصاب في نخل المشركين في هذه الغزوة امرأة، وكان زوجها غائبا، فلما أتى أخبر الخبر، وقفل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فحلف زوجها لا ينتهي حتّى يهريق في أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- دما، فخرج يتبع أثر رسول الله- صلى الله عليه وسلم-

فنزل رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- منزلا ليلة ذات ريح في شعب استقبله. فقال: «من رجل يكلأنا» ؟ فقام عباد بن بشر، وعمار بن ياسر- رضي الله عنهما- فقالا، نحن يا رسول الله نكلؤك،

وجعلت الريح لا تسكن، وجلس الرّجلان على فم الشّعب، فقال أحدهما لصاحبه: أيّ الليل أحب إليك أن أكفيك أوّله، وتكفيني آخره؟ قال: اكفني أوّله، فنام عمار بن ياسر، وقام عبّاد يصلّي، فأقبل زوج المرأة يطلب غرّة، وقد سكنت الرّيح، فلما رأى سواد عباد من قريب قال: يعلم الله إن هذا ربيئة القوم، ففوّق سهما فوضعه فيه، فانتزعه عبّاد، فرماه بآخر فوضعه فيه، فانتزعه، فرماه بآخر فانتزعه، فلمّا غلبه الدّم ركع وسجد، ثم قال لصاحبه: اجلس فقد أتيت، فجلس عمار، فلما رأى الأعرابي عمّارا قد قام علم أنه قد تذرا به، فهرب، فقال عمار: أي أخي، ما منعك أن