وفيها أيضاً عن الشيخ سعيد الحراز قال: كنت مجاورا بمكة، حرسها الله تعالى، فجزت يوما بباب بني شيبة فرأيت شابا حسن الوجه ميتا، فنظرت له، فنظر في وجهي وتبسم، وقال: أما علمت أن الأحباب أحياء وإن ماتوا، وإنما ينقلون من دار إلى دار.
وفيها أيضاً عن بعضهم: كنا في مركب فمات رجل معنا فأخذنا في جهازه وقصدنا أن نلقيه، فصار البحر جافا، ونزلت السفينة فخرجنا وحفرنا له قبرا ودفناه، فلما فرغنا جاء الماء وارتفع واستوى المركب وسرنا، والحكايات كثيرة وما ذكر كفاية.
[الباب الثالث في بعض آيات وقعت لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه]
من ذلك وهو قوله على المنبر: يا سارية الجبل، وأسمع جيشه فيها فسمعه الجيش، فانتصروا، وقد تقدم ذلك في الكلام على بعض فضائله.
[الباب الرابع في بعض آيات وقعت لسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه]
روى أبو نعيم عن أبي عثمان النهدي، وعن أبي بكر بن حفص بن عمر وعن عمير الصائدي رضي الله عنه أن سعدا لما نزل نهر شير، وهي المدينة الدنيا، طلب السفن ليعبر بالناس إلى المدينة القصوى، فلم يقدر على شيء ووجدهم قد ضموا السفن فأقاموا بنهر شير أياما من صفر، وفجأهم المد فرأى رؤيا أن خيول المسلمين اقتحمتها فغيرت، وقد أقبلت من المد بأمر عظيم، فعزم لتأويل رؤياه على العبور، فجمع الناس، وقال: إن عدوكم قد اعتصم منكم بهذا البحر فلا تخلصون إليهم، وهم يخلصون إليكم إذا شاءوا فيناوشونكم في سفنهم، وليس وراءكم شيء تخافون أن تؤتوا منه.
وإني قد عزمت على قطع هذا البحر عليهم، فأجابوه فأذن للناس في الاقتحام، وقال:
قولوا: نستعين بالله، ونتوكل عليه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم اقتحموا دجلة وركبوا اللجة، وإن دجلة لترمي بالزّبد وإنها لمسودّة، وإنّ الناس ليتحدثون في عومهم، وقد اقترنوا كما كانوا يتحدثون في مسيرهم على الأرض، فخرجت بهم خيلهم تنفض أعرافها لها صهل وما ذهب لهم في الماء شيء إلا قدح كانت علاقته رثة، فذهب به الماء وإذا به قد ضربته الرياح والموج حتى وقع على الشاطئ، فأخذه صاحبه، ولم يغرق منهم أحد، ففجئوا أهل فارس بأمر لم يكن في حسابهم، وأعجلوهم على حمل أموالهم،